فلا بد من إرجاع الحقوق إلى أهلها أو طلب المسامحة منها، لأن حقوق الناس لا
تسقط إلا بأحد أمرين: إما بمسامحتهم عنها أو ردها إليهم، وإما بالقصاص يوم
القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ لأَِخِيهِ مَظْلمَةٌ،
فَلْيَتَحَلَّلْ مِنْهُ الْيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ
دِرْهَمٌ ((يعني يوم القيامة))، إِنْ كَانَ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ
حَسَنَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ
الْمَظْلُومِينَ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ فَطُرِحَ فِي النَّارِ» ([1]).
ثم إن التوبة لها وقت، إذا فات فإنها لا تقبل من صاحبها، وذلك أن الإنسان
إذا حضره الموت، فإنها لا تقبل منه التوبة، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ
اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» ([2]) (يعني ما لم تبلغ روحه الغرغرة عند الموت) فحينئذ لا يقبل منه توبة؛ لأن
وقت التوبة انتهى، ولم تأت التوبة في وقتها، وكذلك لا تقبل التوبة إذا طلعت الشمس
من مغربها.
فالوقت الأول: بحسب الأفراد، لا تقبل التوبة من التائب ما لم يغرغر. الثاني: وقت لجميع الناس، لا تقبل فيه توبة من أحد كائنًا من كان، وذلك عند طلوع الشمس من مغربها في آخر الزمان، وذلك من علامات الساعة الكبار، فإذا طلعت الشمس من مغربها فإنه لا تقبل التوبة من أحد، لا من الكفار ولا من المذنبين، قال تعالى ﴿يَوۡمَ يَأۡتِي بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفۡسًا إِيمَٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ أَوۡ كَسَبَتۡ فِيٓ إِيمَٰنِهَا خَيۡرٗاۗ﴾ [الأنعام: 158]، وقال: «لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلاَ تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَخْرُجَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» ([3]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6169)، ومسلم رقم (2581).