×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

فالله سبحانه وتعالى في هذه الدنيا يجري الابتلاء والامتحان على جميع العباد لا يستثنى من هذا أحد، ثم تظهر النتائج بعد انقشاع الفتنة، فينقسم الناس إلى مؤمن وكافر، وإلى مؤمن ومنافق، وإلى مؤمن وفاسق، والجزاء إنما يكون في يوم القيامة، فالدنيا دار ابتلاء وامتحان، والآخرة دار حساب وجزاء ﴿وَإِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ [الأنبياء: 35]، هذا تذكير من الله سبحانه وتعالى لعباده، في أنهم سيرجعون إليه، وأنه لن يتركهم سدى، ولم يخلقهم هملاً، بل هناك حساب وجزاء يوم القيامة، فيجازى كل عامل بعمله، وهناك تظهر النتائج، ويفلح أهل الإيمان، ويخسر أهل النفاق والكفر، في يوم لا ينفعهم فيه ﴿يَوۡمَ لَا يَنفَعُ مَالٞ وَلَا بَنُونَ ٨٨ إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ ٨٩ [الشعراء: 88، 89].

عباد الله، إننا في هذا الزمان، وكلما تأخر الزمان فإنها تعظم الفتن وتشتد، إلى أن تقوم الساعة فعلينا أن نحذر من هذه الفتن غاية الحذر، وأن نتمسك بكتاب ربنا وسنة نبينا ونثبت على ديننا وعلى إيماننا ونصبر على ذلك إلى أن نلقى الله سبحانه وتعالى، فالمؤمن لا يتزعزع عن إيمانه، إن جاءه خير شكر الله تعالى، وإن جاءه شر صبر على ذلك، وثبت على دينه ولقي الله سبحانه وتعالى صابرًا محتسبًا.

هذه حكمة الله سبحانه وتعالى في خلفه وأمره، والابتلاء والامتحان دائمًا وأبدًا، فعلى المسلم أن يستشعر ذلك ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢ وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٣ [العنكبوت: 2، 3]، أنتم تقرؤون ما ذكره الله عن المؤمنين والكفار في الأزمنة الماضية الغابرة، وما جرى لهم من الابتلاء والامتحان، وما حصل من العواقب الحميدة لأهل الإيمان على صبرهم 


الشرح