في قوله: لو أنكم صليتم في بيوتكم، كما يصلي هذا المتخلف في بيته، لتركتم
سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين
حتى يقام في الصف.
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ
بِالصَّلاَةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً يَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ
إِلَى رِجَالٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصَّلاَةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ
بِالنَّارِ» ([1])، فالنبي صلى الله عليه وسلم همَّ بتحريقهم بالنار على ترك الحضور للمسجد،
ولم يسأل: هل كانوا يصلون في بيوتهم أو لا؟ فدل على أنه لا تجوز لهم الصلاة في
بيوتهم إذا كانوا يقدرون على الحضور إلى الصلاة في المسجد.
وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ، فَلاَ
صَلاَةَ لَهُ إِلاَّ مِنْ عُذْرٍ» ([2]) قيل لابن عباس راوي الحديث: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض، فمن ترك صلاة
الجماعة، وهو يقدر على حضورها، وصلى في بيته، فإنه قد ترك واجبًا عظيما.
وقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالنفاق، فقال صلى الله عليه وسلم: «أَثْقَلَ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاَةُ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا، لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» ([3]) فوصفهم بالنفاق؛ لأنهم يتثاقلون عن صلاة العشاء وعن صلاة الفجر، وكذلك -من باب أولى- من يتثاقل عن بقية الصلوات، ولكن هاتين الصلاتين لهما مزية على غيرهما من الصلوات، ولهذا قال جل وعلا: ﴿وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا﴾ [الإسراء: 78].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2288)، ومسلم رقم (651).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد