وإذا كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه قاتل من منع الزكاة، والزكاة قرينة
الصلاة، وقال رضي الله عنه: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إِلاَّ
بِحَقِّهَا» ([1]) وإن الزكاة من حقها، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه، فكيف لو رأى من يتخلف عن الصلاة، ويترك الصلاة،
ولا يبالي بها؟ بل قد يكون طول حياته لم يركع لله ركعة، وهو يزعم أنه من المسلمين،
وينطق بالشهادتين، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
والله سبحانه وتعالى وعد المضيعين للصلاة، والساهين عنها، بأشد الوعيد، مع أنهم يصلون، ولكنهم لا يصلون الصلاة على الوجه المطلوب، توعدهم بأشد الوعيد، فكيف الذي لا يصلي أصلاً؟! قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا ٥٩ إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا يُظۡلَمُونَ شَيۡٔٗا ٦٠﴾ [مريم: 59، 60]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ ٤ ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ ٥﴾ [الماعون: 4، 5]، ومعنى ﴿أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ﴾ [مريم: 59] ومعنى ﴿ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ﴾ [الماعون: 5]: أنهم يتهاونون بأحكام الصلاة، فمنهم من يؤخرها عن وقتها الذي أمر الله أن تؤدى فيه، ومن آخرها عن وقتها فهو مضيع لها، وإن كان يصلي في الظاهر والصورة، إلا أنه لا يصلي في الحقيقة؛ لأنه لم يؤد الصلاة في الموعد الذي حدده الله لها، ومن لم يصل في الموعد فإنها لا تقبل منه، وكذلك من السهو عن الصلاة وتضييعها: ترك إقامتها مع جماعة المسلمين، فالذي يترك صلاة الجماعة ويصلي في بيته منفردًا، أو يصلي مع جماعة في بيته ويترك الحضور إلى المسجد من غير عذر، فإنه يكون من المضيعين للصلاة ولهذا كما سمعتم عن عبد الله بن مسعود
([1]) أخرجه: البخاري رقم (385)، ومسلم رقم (21).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد