زيادة على ما يعملونه في سائر عامهم، وفي
ساعاتهم وأوقاتهم، فإن عمر المسلم كله من أوله إلى آخره ليس فيه وقت فراغ، بل إن
وقت المسلم كله مشغول بأنواع الطاعات وأنواع البركات والخيرات، فيما ينفعه في دينه
ودنياه، إنما وقت الفراغ للعاطلين الذين نسوا الدار الآخرة، وانشغلوا بالدنيا، أما
أهل الإيمان فإن جميع أوقاتهم أوقات ثمينة لا تقدر بقيمة.
جعل الله سبحانه وتعالى للمسلمين موسمًا يتكرر عليهم في اليوم والليلة خمس
مرات، وهو الصلوات الخمس المفروضة، وجعل لهم موسمًا يتكرر كل أسبوع وهو صلاة
الجمعة، ويوم الجمعة الذي هو خير الأيام، وجعل لهم موسمًا يتكرر كل سنة، وهو شهر
رمضان المبارك، قال صلى الله عليه وسلم: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ،
وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، كَفَّارَةٌ لِمَا
بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَت الْكَبَائِرَ» ([1])، والمسلم إنما يفرح بطول العمر؛ من أجل أن ينال من شهواته وغفلاته في هذه
الدنيا، ويعيش كعيشة البهائم، وقد قال الله سبحانه: ﴿وَلَا
يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ خَيۡرٞ لِّأَنفُسِهِمۡۚ
إِنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِثۡمٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ﴾ [آل عمران: 178].
أما المؤمن الذي يطول عمره، ويستغله في طاعة الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ» ([2])، والله جل وعلا يقول في محكم التنزيل: ﴿وَٱلۡعَصۡرِ ١ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ ٢ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ ٣﴾ [العصر: 1- 3]، أقسم سبحانه وتعالى
([1]) أخرجه: مسلم رقم (233).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد