بالعصر، الذي هو الزمان الذي يعيشه الإنسان، وهو جل وعلا يقسم بما شاء، ولا
يقسم إلا بشيء عظيم، وفيه أسرار، فالزمان عظيم، والوقت عظيم، وفيه أسرار وخيرات
وبركات، لمن وفقه الله، واستغله في طاعة الله.
أقسم أن الإنسان، أي كل إنسان، لا يستثنى أحد، لا الملوك ولا الصعاليك، ولا
الأغنياء ولا الفقراء، ولا العرب ولا العجم، ولا الأحرار ولا العبيد، ولا الذكور
ولا الإناث، كل إنسان فهو خاسر، ومضيع لزمانه ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ﴾ [العصر: 3]، اتصفوا بهذه
الصفات الأربع: الإيمان، والعمل الصالح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر
على طاعة الله سبحانه وتعالى.
إن المسلم ليس لعمله غاية دون الموت، بل المسلم يعمل كل وقته، ويستغل كل
ساعته وأيامه، قال الله تعالى: ﴿وَٱعۡبُدۡ
رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ﴾ [الحجر: 99]، واليقين المراد به: الموت، أمر نبيه صلى الله عليه وسلم
بالمداومة على عبادة الله سبحانه وتعالى، حتى يأتيه الموت وهو على ذلك، وقال
سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم
مُّسۡلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].
فهذا الشهر العظيم، شهر رمضان، قريب حلوله على المسلمين، وقد جعله الله
سبحانه وتعالى موسمًا عظيمًا لمن وفقه الله سبحانه وتعالى، فهو شهر الصيام، وهو
شهر القيام، هو شهر تلاوة القرآن، هو شهر الصدقات، هو شهر الذكر والعبادة،
فاغتنموه -رحمكم الله- بما يهديكم الله إليه، ويوفقكم له، من صالح الأعمال، فإن
الأعمال في هذا الشهر مضاعفة.
واستقبلوه بخير ما يستقبل من التوبة النصوح، والرغبة في الخير، والاستبشار
بقدومه، فإنه وافد كريم، وموسم عظيم وغنيمة في صحيفة
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد