فهذه مواسم عظيمة، تتكرر على المسلم، من أجل أن يستغلها فيما ينفعه عند
الله سبحانه وتعالى، وما يكون بينها من الأوقات فإنه يكون زيادة خير للمسلم يستغله
في طاعة الله سبحانه وتعالى، فكل حياة المسلم بما فيها من الساعات والأيام والشهور
والسنين، كلها خير للمسلم إذا استغلها في طاعة الله، قال الله تعالى لنبيه صلى
الله عليه وسلم: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ
حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ﴾ [الحجر: 99]، فليس في حياة المسلم فراغ إذا وفقه الله سبحانه وتعالى
لاغتنامها، فمن طال عمره وحسن عمله، فهذا هو السعيد، وأما من طال عمره وساء عمله،
فهذا هو الشقي.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ» ([1])، والمسلم إنما يفرح بطول العمر؛ من أجل أن يزداد من طاعة الله سبحانه وتعالى. ذكر النبي صلى الله أن ثلاثةً كانوا مجتهدين في العبادة، يتسابقون إلى الخيرات بأنواع الطاعات، فاستشهد اثنان منهم في سبيل الله، وبقي الثالث بعدهما حتى أدرك رمضان وصامه وقامه، ثم توفي بعد ذلك، فرئي سابقًا لصاحبيه في الجنة، فتعجب الصحابة ! كيف الذي مات على فراشه يسبق اللذين استشهدا في سبيل الله، مع ما للشهادة في سبيل الله من الثواب العظيم، والأجر الجزيل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَلَيْسَ قَدْ عَاشَ بَعْدَهُمَا كَذَا وَكَذَا» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ قَدْ صَلَّى بَعْدَهُمَا كَذَا وَكَذَا» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ قَدْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَصَامَهُ وَقَامَهُ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَْرْضِ» ([2]).
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2329)، والدارمي رقم (2742)، وأحمد رقم (17680).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد