أعمال الآخرة، والاعتكاف لا يكون إلا في مسجد، أما الاعتكاف الذي يكون في
غير مسجد، فإنه اعتكاف باطلٌ؛ لأنه يعزل المسلم عن الجمعة والجماعة، وقد قيل لابن
عباس رضي الله تعالى عنهما: إن رجلاً يقوم الليل ويصوم النهار، ولكنه لا يشهد
الجمعة والجماعة، فقال: هو في النار.
ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ
وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ﴾ [البقرة: 187] فخص الاعتكاف في
المساجد التي تؤدى فيها صلاة الجماعة، من أجل ألا ينقطع المسلم عن حضور صلاة
الجماعة.
ومن خصائص هذه العشر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلت هذه العشر جد واجتهد، وشد المئزر، وأيقظ أهله، وأحيا ليله،، فكان يجتهد في الأعمال الصالحة في هذه العشر أكثر مما كان يجتهد في أول الشهر، ومعنى «شَدَّ الْمِئْزَرَ»: أنه صلى الله عليه وسلم يجتهد في العبادة اجتهادًا بالغًا «وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» أي: أهل بيته؛ ليصلوا هذه الليالي ويحيوها بطاعة الله سبحانه وتعالى «وَأَحْيَا لَيْلَهُ» ([1])، كان صلى الله عليه وسلم يحيي هذه الليالي المباركة بالتهجد وصلاة الليل، وكان يطيل القيام، وكذلك كان أصحابه، كانوا يحيون هذه الليالي بالتهجد وطول القيام، إضافة إلى ما كان في أول الليل من صلاة التراويح، فكانوا يحيون هذه الليالي، أولها: بصلاة التراويح، وآخرها: بالتهجد. هكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما كان يحيي هذه الليالي بالسهر على القيل والقال وإضاعة الوقت، وإنما كان يحييها، ويحييها أصحابه، بالتراويح في أول الليل، والتهجد في آخر الليل، وبذكر الله وتلاوة القرآن.
([1]) . أخرجه: مسلم رقم (1174).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد