هذه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه سنة خلفائه الراشدين، وصحابته
الأكرمين.
أما من يقول من بعض مدعي العلم: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يزيد في
هذه العشر عما كان في أول الشهر، فهذا قول باطل، بل كان يزيد صلى الله عليه وسلم،
حتى إنه كان يحيي الليل كله، وفي رواية: «لَمْ يَذُقْ غَمْضًا» ([1])، فهذا يدل على شدة اجتهاده في هذه العشر وتهجده، وصلاته، وتضرعه، وذكره
لله عز وجل.
ومن خصائص هذه العشر المباركة: أنها ليالي الإعتاق من النار، وذلك بأن أقوامًا قد استحقوا دخول النار،
بارتكابهم لكبائر الذنوب، فيوفقهم الله جل وعلا للتوبة النصوح في هذه العشر،
فيعتقهم الله بذلك من النار، بعد أن استحقوا دخولها. فيا لها من عشر مباركة، فمن
كان مجتهدًا في أول الشهر، وسابقًا إلى الطاعات والقربات، فإنه يضيف إلى ذلك مزيد
اجتهاد في هذه العشر؛ ليكون ذلك زيادة خير إلى خير، ومن كان غافلاً متكاسلاً في
أول الشهر، فإنه يستدرك ما فاته في هذه العشر، فيغفر له، ويحصل على خير كثير، لأن
الأعمال بالخواتيم، ومن كان مسرفًا على نفسه بالمعاصي والذنوب والمخالفات، فإنه
يستيقظ في هذه العشر، ويتوب إلى الله سبحانه وتعالى توبة نصوحًا، فيغفر الله بها
ذنوبه جميعًا، ويعتقه بها من النار، فيا لها من عشر عظيمة.
فعليكم -عباد الله- بالجد والاجتهاد في هذه العشر، وحضور المساجد، ومشاركة المسلمين في صلاة التراويح، وصلاة التهجد والقيام؛ لتشاركوا المسلمين في هذا الأجر العظيم، ولتدخروا لأنفسكم
([1]) أخرجه: أبو نعيم في « الحلية » (6/306).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد