فقد ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم:
أنه كان إذا دخلت العشر الأواخر، شد المئزر، وأحيا ليله، وأيقظ أهله.
فشد المئزر عبارة عن الجد والاجتهاد منه صلى الله عليه وسلم، وأنه كان
يجتهد في هذه العشر في الأعمال الصالحة ما لا يجتهد في غيرها، وإن كانت كل أيامه
صلى الله عليه وسلم جدًا وعملاً، وخيرًا وبركة، ولكنه كان يختص هذه العشر بما لم
يخص به غيرها، وإحياء الليل معناه: إنه صلى الله عليه وسلم كان يكثر التهجد في
ليالي هذه العشر المباركة، وكان يطيل القيام، حتى ربما كان لا يذوق غمضًا، يعني:
لا ينام في هذه الليالي، وقيل: معنى «أَحْيَا لَيْلَهُ» أي: أحيا غالبه
بالصلاة والقيام: وينام قليلاً من الليل.
فعلى كل حال: هذا يدل على أن هذه العشر المباركة تخص بالقيام الكثير، أكثر
من القيام في أول الشهر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان في العشرين الأول يصلي
وينام، أما في العشر الأواخر فكان يحيي ليله، إما كله، وإما غالبه.
وكان السلف الصالح يحتذون حذوه صلى الله عليه وسلم، فكانوا يطيلون القيام
والتهجد في هذه العشر، حتى إنهم كانوا يقرءون بالمئين، وكانوا يربطون الحبال بين
السواري، ويتعلقون بها من طول القيام، وكانوا يعتمدون على العصي، فإن سنة الرسول
صلى الله عليه وسلم واضحة في أنه كان يزيد من القيام والتهجد في هذه العشر.
وكان السلف الصالح يقتدون به صلى الله عليه وسلم في ذلك، فكانوا يحيون
ليلهم أو غالب الليل إلى قبيل طلوع الفجر، بحيث لا يفوتهم السحور، وفي قوله: «وَأَيْقَظَ
أَهْلَهُ» دليل على أنه يتأكد في حق الوالدين وأصحاب البيوت أن يوقظوا أهل
بيوتهم للتهجد والقيام في هذه الليالي المباركة،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد