×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ([1])، وهذه الليلة لا شك أنها في شهر رمضان، وهي في العشر الأواخر آكد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحراها ويأمر بتحريها في هذه العشر، وكان يخصص هذه العشر بأعمال ما كان يعملها في سابق الليالي مما يدل على آكدية تحري ليلة القدر فيها، فمن صادفها، ولا يصادفها إلا من قام ليالي رمضان كلها، ولا سيما العشر، أما من قام بعض الليالي، فإنه قد تفوته ليلة القدر، أما من قام كل الليالي من أول الشهر إلى آخره فإنه يكون قد صادفها، فحصل على هذا العمل العظيم، العمل الذي هو خير من العمل في ألف شهر، وفضل الله جل وعلا ليس له حد، فالله جل وعلا كريم يعطي بلا حساب.

فاتقوا الله عباد الله، واحرصوا على الجد والاجتهاد في هذه العشر، فإنها ختام الشهر، والأعمال بالخواتيم، فمن كان محسنًا في أول الشهر ومحافظًا على الأعمال الصالحة ومجتهدًا فيها في أول الشهر، فليختم بالعمل في هذه العشر، زيادة على أعماله الصالحة، فتكون زيادة خير إلى خير ومن كان متساهلاً ومفرطًا في أول الشهر، فليتب إلى الله، وليستدرك في هذه العشر، فإن من تاب، تاب الله عليه، والأعمال بالخواتيم.

ومن فضائل هذه الليالي والأيام المباركة: أنها ليالي الإعتاق من النار، لقوم استوجبوا دخول النار، فمن الله عليهم، فأقبلوا على الله وتابوا إلى الله، واجتهدوا في هذه العشر، فتاب الله عليهم، ومحا عنهم سيئاتهم وأعتقهم من النار وأدخلهم الجنة.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1802)، ومسلم رقم (760).