×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

فالله جعل في هذه الدنيا مذكرات، تذكر بهذه النار وحرها وسمومها، وما فيها من العذاب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ومع هذا ليس هذا العذاب يأتي ساعةً أو يومًا أو شهرًا أو سنةً ثم ينقضي بل هو عذابٌ دائمٌ سرمدي، لا يُخفف عنهم من عذابها أبد الآباد، بل كلما خبت زادهم الله سعيرًا وعذابًا، وطعامهم الزقوم، وشرابهم الحميم، سرابيلهم من قطرانٍ وتغشى وجوههم النار، قال تعالى: ﴿هَٰذَانِ خَصۡمَانِ ٱخۡتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمۡۖ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتۡ لَهُمۡ ثِيَابٞ مِّن نَّارٖ يُصَبُّ مِن فَوۡقِ رُءُوسِهِمُ ٱلۡحَمِيمُ ١٩ يُصۡهَرُ بِهِۦ مَا فِي بُطُونِهِمۡ وَٱلۡجُلُودُ ٢٠ وَلَهُم مَّقَٰمِعُ مِنۡ حَدِيدٖ ٢١ كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا مِنۡ غَمٍّ أُعِيدُواْ فِيهَا وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ ٢٢ [الحج: 19- 22]، فتأملوا -رحمكم الله- هذا المصير، تأملوا هذه النار التي حذركم الله منها وأمركم بالفرار منها إلى الجنة وذلك بطاعة الله سبحانه وتعالى وجنته، وبإمكانكم اليوم أن تفروا من هذه النار إلى طاعة الله سبحانه وتعالى وجنته، وأن تتوبوا إلى الله، وأن تتأهبوا بالأعمال الصالحة.

إن هذه النار قريبةٌ، كما أن الجنة قريبةٌ، قال صلى الله عليه وسلم: «الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ» ([1])، وذلك بأن يموت الإنسان، فإذا مات الإنسان فإنه يواجه الجنة إن كان من أهل الطاعة، أو يواجه النار إن كان من أهل الكفر والمعاصي، فلا يدري في أي ساعةٍ يواجه هذه النار، وسيوقف العبد بين يدي ربه عز وجل، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر عن شماله فلا يرى إلا ما قدم، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا نار جهنم، قال صلى الله عليه وسلم: «فاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» ([2]).


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6123).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3400)، ومسلم رقم (1016).