×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

هذه الأرض التي نعيش عليها ونسير عليها، الأرض التي تقلنا، وهذه السماء التي تظلنا، وهذه الدواب التي نركبها ونحلبها ونأكل من لحومها ونستفيد من منافعها.

لماذا لا نتفكر؟ لماذا لا نتدبر؟ لماذا لا نحصر عقولنا، ونعلم أن هذه المخلوقات لم تُخلَق عبثًا، وأنها لن تُترَك سدى؟ ولكنها خُلِقَت لحكمٍ عظيمةٍ وغاياتٍ جليلةٍ.

فعلينا جميعًا أن نتدبر وأن نتفكر في مخلوقات الله، في آيات الله سبحانه وتعالى، دائمًا على المسلم أن يُطيل النظر في كل ما حوله وفي كل ما في جسمه، وفي كل ما ينتفع به؛ ليستدل بذلك على عظمة خالقه سبحانه وتعالى، وبديع صنعته، وبليغ حكمته، فإن الرب العظيم، ﴿ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقَهُۥۖ [السجدة: 7]، ﴿صُنۡعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ أَتۡقَنَ كُلَّ شَيۡءٍۚ إِنَّهُۥ خَبِيرُۢ بِمَا تَفۡعَلُونَ [النمل: 88].

إن هذا الرب القادر على كل شيء محيطٌ بعباده وبأفعالهم وأعمالهم ﴿وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ [الصافات: 96]، ﴿وَيَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ [التغابن: 4]، ﴿وَأَسِرُّواْ قَوۡلَكُمۡ أَوِ ٱجۡهَرُواْ بِهِۦٓۖ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ [الملك: 13].

أنت إذا استمعت إلى هذه الوسائل التي قربت البعيد، تسمع كلام المتكلم وهو في أقصى الدنيا، وتسمع سعاله إذا سعل، وتسمع نفسه إذا تنفس، وهو في أقصى الدنيا. هذه صنعة مخلوقٍ أقدره الله عليها، فكيف بعلم الخالق سبحانه وتعالى الذي هو محيطٌ بكل شيءٍ، وعالمٌ بكل شيءٍ؟

قال تعالى: ﴿يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ [التغابن: 4].


الشرح