×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

 لأن الموظف مطلوب منه أن ينجز الأعمال الوظيفية بدون أن يأخذ مقابلاً من المراجعين، وإنما يكتفي براتبه الذي أحله الله له، فإذا أخذ شيئًا من المراجعين، دراهم، أو هديةً، أو غير ذلك، فإن هذه هي الرشوة التي لعن النبي صلى الله عليه وسلم عليها، حيث لعن الراشي وهو دافع الرشوة، ولعن المرتشي وهو الذي يأخذ الرشوة، ولعن الرائش وهو الذي يسعى بينهما في أخذ الرشوة، فهي جريمة خطيرة تفسد الأحكام، وتغرر بالحكام، وتغير النظام، وتضيع الحقوق، وتسبب الفوضى في المجتمع، فالرشوة ما فشت في مجتمع إلا فسد وآذن بالعقوبة.

بعض الموظفين مما ينقل ويذكر عنهم: أنهم لا ينجزون أعمال المراجعين إلا إذا دفعوا لهم رشوة؛ من أجل أن ينجزوا لهم أعمالهم، فإذا كان موظفًا يريد النقل من مكان إلى مكان، أو من بلد إلى بلد، فلا ينقله المسئول إلا برشوة يدفعها له، وقد لا يأخذها منه مباشرةً، ولكن يجعل واسطةً، يقول لأشخاص: اذهبوا إلى هؤلاء المراجعين وقولوا لهم: نحن نسعى في إنجاز أعمالكم في تعيينكم، وفي نقلكم من وظيفة إلى وظيفة، أو من بلد إلى بلد، نسعى بذلك عند الموظفين، لكن بشرط أن تعطونا مقابل ذلك مبلغًا من المال، ظاهره أنه في مقابل التعب (تعب المراجع لهم) ولكن باطنه أنه متفق مع الموظفين على أن يأخذ هذا المبلغ ويتقاسمه هو والموظف الذي عنده المطلوب، هذه رشوة صريحة، وحيلة على ما حرم الله سبحانه وتعالى، ومن صفات اليهود: أنهم يستحلون محارم الله بأدنى الحيل، فهذه حيلة قبيحة.

فالواجب على كل مسلم أن ينزه نفسه عن الرشوة؛ لأنها سحت، وقد وصف الله اليهود بأنهم﴿أَكَّٰلُونَ لِلسُّحۡتِۚ  [المائدة: 42] 


الشرح