×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

 الجيد، وهي ليست كذلك، وقد جاء في الحديث: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: الْمُسْبِلُ -أي الذي يسبل ثيابه تحت الكعبين-، وَالْمَنَّانُ -أي: الذي يمن بصدقته-، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ -أي المروج لها- بِالأَْيْمَانِ الْكَاذِبَةِ» ([1]) فهو من الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، فالغش في البيع والشراء جريمة عظيمة، وأكل لأموال الناس بالباطل، فقد مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَائع طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فِي الطَّعَام، فَأَدْرَكَ فِي أَسْفَلِهِ بَلَلاً، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاء يَا رَسُولَ اللهِ -أي: أصابه المطر-، قَالَ: «هَلا جَعَلْتَهُ ظَاهِرًا حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» ([2]).

وكم ترون الآن من الغش في البيع وإخفاء العيوب والتدليس على الناس، والأقوال الكاذبة من الباعة؛ لترويج سلعهم، كل هذه الأمور من المكاسب المحرمة التي إن أكلوا حرامًا، وإن لبسوا منها لبسوا حرامًا، وإن شربوا منها شربوا حرامًا، وإن تصدقوا منها لم تقبل صدقاتهم، وإن تركوها خلفهم وورثوها لغيرهم، كانت زادهم إلى النار، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فاتقوا الله عباد الله، وانظروا في مكاسبكم ونزهوها عن الحرام؛ حتى تكون هذه المكاسب عونًا لكم على طاعة الله، إن أكلتم منها، أو لبستم منها، أو شربتم منها، أو تغذيتم بها، أو تصدقتم منها، تكون طيبةً يقبلها الله سبحانه وتعالى ؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وقد صح في


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (106).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (102).