×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

والله سبحانه وتعالى وعد بالتوبة من جميع الذنوب ﴿قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ٥٣ وَأَنِيبُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ٥٤ [الزمر: 53، 54].

﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ [الزمر: 53] فلا يقنط الإنسان من رحمة الله عز وجل، مهما بلغت ذنوبه، ولكن لا يعتمد على الرجاء، بل يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، يرجو رحمة الله، ويخشى عقابه، يبادر بالتوبة، والله يقبل التوبة ممن تاب.

ولكن التوبة -يا عباد الله- ليست أقوالاً تردد على اللسان، وإنما التوبة -كما عرفتم- هي الرجوع عن معصية الله إلى طاعة الله، ولها ثلاثة شروط لا تصح إلا بها:

الشرط الأول: الإقلاع عن الذنب، أي: ترك الذنب، أما الذي يتوب بلسانه، ويستغفر الله بلسانه، وهو مقيم على الذنوب والمعاصي لا يتركها، فهذا كاذب في توبته، ولا تنفعه شيئًا؛ لأنها كلام على اللسان فقط، فلا بد أن يترك الذنوب التي تاب منها، ويبتعد عنها في الحال، ولا يؤخر ذلك.

الشرط الثاني: الندم على ما فات في الماضي، بأن يحزن على ما قصر فيه من طاعة الله، وما ارتكب من معصية الله، ولا يزال ذلك يحز في نفسه، ويؤلم نفسه كلما تذكر ذنوبه، فإنه يحزن ويخاف من الله، ويبكي ويتضرع إلى الله سبحانه وتعالى، وأما الذي لا يندم على ذنوبه الماضية، أو ربما يمدح نفسه بها، فهذا لا تصح توبته؛ لأنه لو كان صادقًا لندم على ما حصل منه من الذنوب والمعاصي، ولا يأمن أن 


الشرح