×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

 آبائهم، فإن الله يجمع بينهم في منزلة واحدة في الجنة، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَمَآ أَلَتۡنَٰهُم مِّنۡ عَمَلِهِم مِّن شَيۡءٖۚ كُلُّ ٱمۡرِيِٕۢ بِمَا كَسَبَ رَهِينٞ [الطور: 21]، وهذا يحتاج منكم -أيها الآباء- إلى عناية واهتمام، وصبر وتحمل، يحتاج منكم إلى جهد جهيد، خصوصًا في هذا الزمان الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن من كل صوب، فصار الشباب كالأغنام في منطقة السباع الضارية:

ومن رعى غنما في أرض مُسَبَّعة *** ونام عنها تولى رعيها الأسد

فاتقوا الله في أولادكم، حافظوا عليهم، ربوهم التربية الصالحة، نشئوهم على طاعة الله، فقد كان السلف الصالح يعتنون بأولادهم غاية العناية، يحفظونهم كتاب الله، ويحفظونهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسلمونهم إلى المدرسين والموجهين وينفقون في توجيههم وتعليمهم الأموال الكثيرة، والأوقات الكثيرة؛ لما يرجونه من الثمرات المستقبلية، ولا يتركونهم والفراغ والغناء والشباب، فإن هذه كلها أمور خطرة:

إن الشباب والفراغ والجدة *** مفسدة للمرء أي مفسدة

إذا كان عندهم فراغ، وكان عندهم شباب وقوة، وعندهم جدة، يعني: غنىً، فهذه أسباب الفساد، فاحذروا من هذه الأمور، أشغلوا وقتهم فيما ينفعهم، واحفظوا وقتهم من الضياع، ولا تغدقوا عليهم بالأموال، بل أعطوهم بقدر حاجتهم وكفايتهم التي لا بد منها، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمۡ يُسۡرِفُواْ وَلَمۡ يَقۡتُرُواْ وَكَانَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ قَوَامٗا [الفرقان: 67].

أيها المعلمون: إنكم حملتم أمانة عظيمة أمام الله سبحانه وتعالى، وأمام ولاة أمور المسلمين، وأمام أولياء أمور الطلبة، فولاة الأمور أسندوا إليكم


الشرح