×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

 إمهالاً لهم، واستدراجًا لهم وإلا فإن الله جل وعلا لا ينسى، والنسيان على قسمين: نسيان بمعنى: الذهول والغفلة، وهذا ينزه الله جل وعلا عنه ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّٗا [مريم: 64]، ونسيان بمعنى: ترك الشيء وعدم الاهتمام به، وهذا يجري من الله سبحانه وتعالى ؛ عقوبة لأعدائه ﴿نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمۡۚ [التوبة: 67]، ﴿نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ [الحشر: 19].

ثم قال جل وعلا في ختام الآية: ﴿إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ [التوبة: 67] أي: الخارجون عن طاعة الله. حصر سبحانه وتعالى الفسق فيهم فهم شر من الكفار، فالكفار فاسقون أيضًا لكنهم يصرحون بفسقهم، ولكن فسق المنافقين أشد لأنهم يخفونه خداعًا، ولذلك جعلهم الله ﴿فِي ٱلدَّرۡكِ ٱلۡأَسۡفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمۡ نَصِيرًا [النساء: 145]، لأن الكفار صرحوا بكفرهم، وهؤلاء ستروا كفرهم، وخدعوا الناس، وانخدع بهم كثير من الناس، فضررهم على المسلمين أشد من ضرر الكفار، ولهذا قال جل وعلا: ﴿هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ [المنافقون: 4] هذه أهم صفات المنافقين.

ثم ذكر الله سبحانه وتعالى جزاءهم عنده، فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ هِيَ حَسۡبُهُمۡۚ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّقِيمٞ [التوبة: 68]، هذا جزاؤهم ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَمن الرجال﴿وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ من النساء ﴿وَٱلۡكُفَّارَالذين أظهروا الكفر باطنًا وظاهرًا. جمع بينهم وبين الكفار؛ لأنه لا فرق بينهم فكلهم أعداء لله ولرسوله وللمسلمين، فجمع بينهم سبحانه وتعالى بالجزاء، ولم ينفعهم إظهارهم للإسلام، ولم يميزهم عن الكفار كما ميزهم عنهم في الدنيا.﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ.


الشرح