وأما الأزلام: فهي رقاع كانوا يحتكموا
إليها عندما يشكل عليهم أمرٌ من الأمور، كانوا في والجاهلية يعملون رقاعًا، أي:
أوراقًا صغيرة، فيكتبون على بعضها: افعل، وعلى الأخرى: لا تفعل والثالثة يجعلونها
مهملة من الكتابة، ثم يضعونها في كيس، فإذا هموا بأمر، وترددوا: هل يفعلونه أو لا
يفعلونه؟ يدخل أحدهم يده في الكيس، فإن خرج الذي مكتوب عليه: افعل، مضى وعزم
واطمأن لهذا العمل، وإن خرج المكتوب: لا تفعل، تأخر وامتنع من المضي فيما أراد،
وإن خرج المهمل الذي ليس عليه كتابه، أعادوا مرة ثانية، حتى تخرج لهم كتابة.
فهذا من أمور الجاهلية ﴿وَأَن
تَسۡتَقۡسِمُواْ بِٱلۡأَزۡلَٰمِۚ﴾ [المائدة: 3]. فحرم الله ذلك، وعوضنا من ذلك بصلاة الاستخارة: إذا هم
الإنسان بشيء وتردد: هل يفعله أو لا؟ فإنه يصلي ركعتين من غير الفريضة، ثم إذا سلم
يدعوا الله بدعاء الاستخارة المعروف الثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وفيه
اللجوء إلى الله، وفيه الاستعانة بالله سبحانه وتعالى، فصلاة الاستخارة عبادة
وتوحيد، ولجوء إلى الله سبحانه وتعالى، وهي بديل من الاستقسام بالأزلام التي هي
أمور الجاهلية، وكل ما كان من أمور الجاهلية فإنه محرم على المسلمين؛ لأن الله
أغنى المسلمين بما شرعه لهم في هذا الدين العظيم ﴿ٱلۡيَوۡمَ
أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ
دِينٗاۚ﴾ [المائدة: 3].
فالله أغنى المسلمين عن أمور الجاهلية؛ ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ (يعني: عند المصيبة)، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» ([1])، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيهِ وَلاَ تَكْنُوا» ([2]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1232)، ومسلم رقم (103).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد