×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

أما من دخل عليه الشهر وهو مسافر، أو سافر في أثنائه، فله الفطر في سفره، وكذلك من دخل عليه الشهر وهو مريض، أو مرض في أثناء الشهر مرضًا يشق معه الصيام، فإنه يفطر ويقضي من أيام أخر﴿وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ  [البقرة: 185]، ومن دخل عليه الشهر وهو لا يقدر على الصيام، لا في الحاضر ولا في المستقبل، كالمريض المرض المزمن الذي لا يرجى له شفاء، ولا يستطيع معه الصيام، أو الكبير الهرم، فإنه يفدي عن كل يوم بإطعام مسكين، قال جل وعلا: ﴿وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖۖ [البقرة:4 18].

فدل هذا على أنه لا بد من صيام هذا الشهر، إما أداءً وإما قضاءً، وإما بالفدية عن الصيام، وهذا يدل على عظمة هذا الشهر.

ومن فضائل هذا الشهر العظيم: أن الله سبحانه وتعالى شرع لنا فيه صلاة التراويح، وصلاة التهجد، فصلاة التراويح خاصة بهذا الشهر، وأما التهجد في آخر الليل فإنه عام في هذا الشهر وفي غيره، وصلاة التراويح هي من آكد السنن بعد الفرائض، ولذلك تشرع لها الجماعة في المساجد، فقد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم وصلى خلفه أصحابه ليالي من رمضان، ثم تأخر عنهم، ولم يخرج إليهم؛ خشية أن تفرض عليهم، فتأخره صلى الله عليه وسلم ؛ لأجل ألا تفرض عليهم صلاة التراويح فتشق عليهم، وإلا فهي سنة مؤكدة، ولذلك صلاها أصحابه من بعده، وصلاها خلفاؤه الراشدون، وصلاها المسلمون في مختلف العصور إلى يومنا هذا، فهي سنة مؤكدة، ولا ينبغي للمسلم أن يحرم نفسه من صلاة التراويح، والتهجد في العشر الأواخر مع المسلمين؛ ليحصل على وعد الله سبحانه لمن قام رمضان، ولمن قام ليلة القدر، إيمانًا واحتسابًا.


الشرح