﴿لِلۡفُقَرَآءِ
ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ
يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ
أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّٰدِقُونَ﴾ [الحشر: 8].
فكذلك الصائم: ترك شهواته لله عز وجل، فعوضه الله خيرًا منها، كما قال
سبحانه وتعالى: ﴿كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ
هَنِيَٓٔۢا بِمَآ أَسۡلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡأَيَّامِ ٱلۡخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: 24]، ورد أن هذه
الآية نزلت في الصائمين، وأن الله يقول لهم يوم القيامة، والناس في الجوع والعطش
في المحشر، يقول لهم: ﴿كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ
هَنِيَٓٔۢا بِمَآ أَسۡلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡأَيَّامِ ٱلۡخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: 24]، لما تركوا
الطعام والشراب في الدنيا لله عز وجل، عوضهم الله عنها بالدار الآخرة، وأكرمهم
وأظهر شرفهم على الخلائق، ينادى عليهم: ﴿كُلُواْ
وَٱشۡرَبُواْ هَنِيَٓٔۢا بِمَآ أَسۡلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡأَيَّامِ ٱلۡخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: 24]،. بل ثبت في
صحيح مسلم رحمه الله أن في الجنة بابًا يقال له: الريَّان، يدخل منه الصائمون، لا
يدخل منه غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، فذلك يدل على فضل الصيام، وأن الصائمين لما
تركوا شهواتهم في هذه الدنيا، طاعة لله، أكرمهم الله وميزهم على أهل الجنة بأن خصص
لهم بابًا من أبواب الجنة يدخلون منه.
المسألة الثالثة: في قوله صلى الله عليه
وسلم: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ
لِقَاءِ رَبِّهِ»، هكذا يقول الله جل وعلا: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ:
فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ» بما أباح الله من تناول شهواته التي كانت محرمة
عليه في نهار الصيام، لا سيما إذا كانت حاجته شديدة إليها، فإذا أبيحت له فإنه
يفرح بذلك بطبيعة نفسه، والفرحة الثانية: «عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ» يوم
القيامة إذا قيل لهم: ﴿كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ
هَنِيَٓٔۢا بِمَآ أَسۡلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡأَيَّامِ ٱلۡخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: 24]، وإذا قيل
لهم: ادخلوا من باب الصائمين، من باب الريان، إلى جنات النعيم، فيفرحون بذلك فرحًا
شديدًا لا يعدله فرح، وهذا هو الفرح