المحمود الذي قال الله تعالى فيه: ﴿قُلۡ
بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ هُوَ خَيۡرٞ
مِّمَّا يَجۡمَعُونَ﴾ [يونس: 58].
المسألة الرابعة: في قوله تعالى: «وَلَخُلُوفُ
فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» والخلوف: المراد
به: الرائحة التي تخرج من أفواه الصائمين؛ بسبب خلو المعدة من الطعام، فإنه يتصاعد
من أفواههم أنفاس فيها رائحة يكرهها الناس، لكن الله يحبها، وهي عنده أطيب من ريح
المسك؛ لأنها ناشئة عن طاعة الله سبحانه وتعالى، فيمتاز الصائمون يوم القيامة، وفي
قبورهم، برائحة المسك تفوح منهم من أثر الصيام، كما أن الشهيد الذي يقتل في سبيل
الله، يأتي يوم القيامة يثعب دمًا، لونه لون الدم، ورائحته رائحة المسك، فكل أثر
ينشأ عن طاعة الله فإن الله يحبه، ولذلك يحب الله غبار المجاهدين في سبيل الله،
فغبار المجاهدين في سبيل الله ذريرة أهل الجنة؛ وذلك لأن هذه الآثار لما نشأت عن
طاعة الله سبحانه وتعالى، جعلها الله رائحة طيبة؛ إكرامًا لأهلها.
فاحمدوا الله -أيها المسلمون- على هذه النعمة العظيمة، حيث شرع لكم الصيام.
ومن فوائد الصيام: أنه يطرد الشيطان عن ابن
آدم، فلا يتسلط عليه كما يتسلط على المفطرين؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى
الدم، فيزين له المحرمات والمعاصي، ويبعده عن الطاعات، ويوسوس له؛ لأن الشيطان
يداخل الإنسان، ويجري منه مجرى الدم، فإذا تناول الإنسان شهواته، فإنه يتسلط عليه
الشيطان فيغريه بالفواحش، قال الله تعالى: ﴿كَلَّآ
إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ ٦ أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ ٧﴾ [العلق: 6، 7]، فإذا صام
فإنها تضعف مجاري الدم، وتنكسر حدة الشهوة، فيبتعد عنه الشيطان، فلا يكون له إليه
سبيل، وكفى بذلك شرفًا للصائمين.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد