هذه صفة قيام النبي صلى الله عليه وسلم وتهجده في الليل، وكانت عائشة رضي
الله عنها تقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن
وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يوتر بثلاث هذه صفة صلاة
النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن لما كان الصحابة لا يطيقون قيام النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إن
حذيفة رضي الله عنه لما قام معه قال: لقد هممت بسوءٍ، قالوا: وما هممت؟ قال: هممت
أن أجلس وأدعه، فلما كان الصحابة لا يطيقون قيام النبي صلى الله عليه وسلم، خففوا
الصلاة، وزادوا في العدد إلى ثلاث وعشرين؛ رفقًا بالناس، وعملاً بقوله صلى الله
عليه وسلم: «أَيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ؛ فَإِنَّ فِيهِمُ
الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ، فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ
فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» ([1]).
فالإمام يراعي أحوال المأمومين، فلا يثقل عليهم ويشق عليهم، ولهذا قال شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن صلاة التراويح ليس لها عدد معين؛ لأن النبي صلى
الله عليه وسلم لم يحدد لها عددًا معينًا، وإنما كان يرغب في قيام الليل، من غير
أن يحدد عددًا، ولكن من أراد أن يطيل القيام والركوع والسجود، فليقلل من الركعات،
كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أراد أن يخفف القيام والركوع والسجود،
فليكثر من عدد الركعات، كما فعل الصحابة.
هذا هو السنة، وهذا هو الاعتدال، فمن أراد أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم كأن يصلي وحده، فليصل مثل ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأما من كان إمام يصلي بجماعة، فإنه يخفف صفة الصلاة، ويزيد في عدد الركعات، كما فعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، والكل سنة، سنة الرسول صلى الله عليه وسلم
([1]) أخرجه: البخاري رقم (671)، ومسلم رقم (467).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد