×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

الله صلى الله عليه وسلم صاعًا من بر، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من زبيب، أو صاعًا من أقط، ويجزئ كل عام يقتات في البلد، من هذه الأصناف الخمسة وغيرها. يدفعها الإنسان عن نفسه وعمن يقوم بالنفقة عليه، وتدفع إلى الفقراء والمساكين، بأن تدفع إليهم بأيديهم، أو تدفع إلى وكلائهم.

ولا يجوز إخراج القيمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم شرعها في الطعام، ولم يشرعها في النقود، وكانت النقود موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يأمر بإخراجها من النقود، وإنما أمر بإخراجها من الطعام فيجب التقيد بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ولا يكفي دفعها إلى الجمعيات؛ لأن الجمعيات قد لا تهتم بها، وقد تكدسها عندها، وتؤخر إخراجها عن وقته، وقد تطلب منك نقودًا، وقد لا تعرف مستحقيها، فهي دين واجب في ذمتك أيها المسلم، حق لله، فلا يجوز أن تتساهل في ذلك، وأن تلقي بالمسئولية على الجمعيات، فإن هذه الجمعيات غير مسؤولة عما في ذمتك، فعليك أن تتقي الله، وأن تحرص على إخراج هذه الصدقة كما أمرك الله وأمرك رسوله صلى الله عليه وسلم، تتقيد بالمقدار وهو: الصاع، ثلاثة كيلوات، وتتقيد بالنوع وهو: القوت، قوت البلد ويستحب أن تخرج من أطيب ما تجد، ويجب من المتوسط، ولا يجوز أن تخرج الرديء الذي لا ينتفع به أو لا يقبل، قال الله سبحانه:﴿وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِ‍َٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغۡمِضُواْ فِيهِۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [البقرة: 267]، فيخرج الإنسان من أطيب ما يجد، هذا هو المستحب، أو من المتوسطـ، وهذا هو الواجب، ولا يجزئ ولا يجوز إخراجها من الرديء.

فاتقوا الله في هذه العبادة العظيمة؛ لأن بعض الناس يتساهلون في شأنها، إما بأن يخرجوها نقودًا، ويخالفوا بذلك ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ؛ 


الشرح