×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

 فلما جاء الإسلام، وانتشر الأمن، نسخ الله هذا الحكم، وشرع الجهاد في سبيله، في كل وقت، وزال أمر الجاهلية، والحمد لله، وأمن الناس في طرقاتهم وفي أسفارهم.

وقيل: إن حرمة القتال في هذه الأشهر لم تنسخ، وعلى كل حال فهي لها على غيرها من الشهور مزية وفضيلة.

وأما شهر رجب: فإن الله حرم القتال فيه؛ من أجل أن يتمكن الناس من أداء العمرة، فحرم الله القتال في هذه الأشهر الأربعة؛ لأجل أداء المناسك، وذلك حين كان الناس لا يتمكنون من أدائها، بسبب الغارات والثأرات، وقطع الطرق، فلما مَنَّ الله عليهم بالإسلام والأمان، نسخ هذا الحكم، على الصحيح من قولي العلماء، وبقي الجهاد في سبيل الله مستمرًا إلى أن تقوم الساعة.

وهذه الأشهر لها فضائل:

أما شهر شوال: فمن فضائله: أنه هو أول أشهر الحج، ومن فضائله: أن فيه الستة التي تصام بعد صيام شهر رمضان، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ» ([1]).

وأما شهر ذي القعدة: فهو شهر حرام، وأيضًا كانت عُمَرُ النبي صلى الله عليه وسلم كلها فيه، فقد اعتمر فيه ثلاث مرات، والعمرة الرابعة كانت في شوال، حينما رجع صلى الله عليه وسلم من غزوة حنين، فأحرم من الجعرانة، فكانت ثلاث عُمَرٍ للنبي صلى الله عليه وسلم كلها في ذي القعدة، مما يدل على فضل هذا الشهر، مع أنه شهر حرام.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1164).