×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

وأما شهر ذي الحجة ففضائله كثيرة: أولاً: أنه شهر حرام، وثانيًا: أن في أوله عشر ذي الحجة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالح أَحَبُّ فِيهِنَّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَْيَّامِ الْعَشْرة» قيل: وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ من خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، ولَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» ([1]) وهي الأيام المعلومات التي قال الله فيها: ﴿وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ [الحج: 28]، وهي العشر التي أقسم الله جل وعلا بها في القرآن في قوله تعالى: ﴿وَلَيَالٍ عَشۡرٖ [الفجر: 2]، وفيه يوم عرفة، خير أيام السنة، وفيه يوم النحر الذي هو يوم الحج الأكبر، وفيه أيام التشريق التي هي أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل، وهي الأيام المعدودات التي قال الله تعالى فيها: ﴿وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ [البقرة: 203].

فهذه أشهر كلها فضائل وكلها تمر في عمر المسلم، حتى ولو لم يحج، فإنه يجب عليه أن يعظمها، هي وبقية أشهر السنة قال جل وعلا: ﴿فَلَا تَظۡلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمۡۚ، وظلم النفس يكون بالمعاصي، فيتجنب المسلم المعاصي دائمًا وأبدًا، ولكن في الأشهر الفاضلة، والأمكنة الفاضلة، يتأكد عليه ذلك، ولهذا يقول جل وعلا: ﴿ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۗ [الحج: 30]، والنبي صلى الله عليه وسلم لما خطب الناس في منى قال لهم: «أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟!» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟!» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟!» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَلَيْسَ هَذَا شَهْر ذِي الْحِجَّةِ؟!» قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «أَلَيْسَ الْيَوْمُ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قَالُوا: بَلَى،


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (2438)، والترمذي رقم (757)، وابن ماجه رقم (1727).