خَوَّلۡنَٰكُمۡ وَرَآءَ ظُهُورِكُمۡۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمۡ
شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُمۡ أَنَّهُمۡ فِيكُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْۚ لَقَد
تَّقَطَّعَ بَيۡنَكُمۡ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ ٩٤﴾[الأنعام: 93-
94]، وهذه صفةُ حَالِ المَوتِ، وقولُه: {أَخۡرِجُوٓاْ أَنفُسَكُمُۖ﴾[الأنعام: 93] دلَّ على وُجُودِ النفسِ التي تَخْرُجُ مِن
البَدَنِ، وقولُه: {ٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ﴾[الأنعام: 93] دَلَّ على وُقُوعِ الجَزَاءِ عَقِبَ المَوتِ -
يعني ومنهُ عَذَابُ القَبرِ -.
***
إثباتُ عَذَابِ القَبرِ
والرَّدُّ عَلَى مَن أَنْكَرَ
يُوَاصِلُ الشيخُ رحمه الله الكَلامَ فِي إثباتِ عَذَابِ القبرِ وَبَيَانِ حَقيقَةِ النفسِ والرُّوحِ، فَيَقُولُ: وقال اللهُ تَعَالى فِي الأنفالِ: {وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ ٥٠ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ ٥١﴾[الأنفَال: 50-51]، وهَذَا ذَوقٌ له بَعْدَ المَوتِ، وقد ثَبَتَ فِي الصحيحينِ مِن غَيرِ وَجهٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَتَى المُشْرِكينَ يَومَ بَدْرٍ فِي القَلِيبِ نَادَاهُمْ:: يَا فُلاَنُ، يَا فُلاَنُ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي اللَّهُ حَقًّا» ([1])، وهذا دليلٌ على وُجُودِهم وسَمَاعِهِم وأنَّهُم وَجَدوا ما وُعِدوُه بَعدَ المَوتِ مِنَ العَذَابِ، وأمَّا نَفْسُ قَتْلِهِم فَقَدْ عَلِمَه الأحياءُ مِنهُم، وقال تَعَالى فِي سُورةِ النِّسَاءِ: {إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ قَالُواْ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوٓاْ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا﴾[النساء: 97]، وهذا خِطَابٌ لَهُم إِذَا تَوَفَّتْهُم المَلائِكَةُ وهُم لا يُعَايِنُونَ المَلائِكَةَ إلاَّ وقَدْ يَئِسُوا مِنَ الدُّنيا، وَمَعْلُومٌ أنَّ
الصفحة 1 / 458