×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

خَوَّلۡنَٰكُمۡ وَرَآءَ ظُهُورِكُمۡۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمۡ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُمۡ أَنَّهُمۡ فِيكُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيۡنَكُمۡ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ ٩٤[الأنعام: 93- 94]، وهذه صفةُ حَالِ المَوتِ، وقولُه: {أَخۡرِجُوٓاْ أَنفُسَكُمُۖ[الأنعام: 93] دلَّ على وُجُودِ النفسِ التي تَخْرُجُ مِن البَدَنِ، وقولُه: {ٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ[الأنعام: 93] دَلَّ على وُقُوعِ الجَزَاءِ عَقِبَ المَوتِ - يعني ومنهُ عَذَابُ القَبرِ -.

***

إثباتُ عَذَابِ القَبرِ والرَّدُّ عَلَى مَن أَنْكَرَ

يُوَاصِلُ الشيخُ رحمه الله الكَلامَ فِي إثباتِ عَذَابِ القبرِ وَبَيَانِ حَقيقَةِ النفسِ والرُّوحِ، فَيَقُولُ: وقال اللهُ تَعَالى فِي الأنفالِ: {وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ ٥٠ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ ٥١[الأنفَال: 50-51]، وهَذَا ذَوقٌ له بَعْدَ المَوتِ، وقد ثَبَتَ فِي الصحيحينِ مِن غَيرِ وَجهٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَتَى المُشْرِكينَ يَومَ بَدْرٍ فِي القَلِيبِ نَادَاهُمْ:: يَا فُلاَنُ، يَا فُلاَنُ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي اللَّهُ حَقًّا» ([1])، وهذا دليلٌ على وُجُودِهم وسَمَاعِهِم وأنَّهُم وَجَدوا ما وُعِدوُه بَعدَ المَوتِ مِنَ العَذَابِ، وأمَّا نَفْسُ قَتْلِهِم فَقَدْ عَلِمَه الأحياءُ مِنهُم، وقال تَعَالى فِي سُورةِ النِّسَاءِ: {إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ قَالُواْ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوٓاْ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا[النساء: 97]، وهذا خِطَابٌ لَهُم إِذَا تَوَفَّتْهُم المَلائِكَةُ وهُم لا يُعَايِنُونَ المَلائِكَةَ إلاَّ وقَدْ يَئِسُوا مِنَ الدُّنيا، وَمَعْلُومٌ أنَّ


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (2873)، والبخاري رقم (3976).