ومالكٍ وأبي حنيفة من الاعتقاداتِ ما لم يقولوه، ويقولون لمن
اتَّبعهم: هذا اعتقادُ الإمامِ الفلاني! فإذا طُولبوا بالنقلِ الصحيحِ عن الأئمةِ
تبيَّن كذبُهم، وقال الشافعي: حُكمي في أهلِ الكلامِ أن يُضْرَبُوا بالجريدِ
والنِّعال ويُطافُ بهم في القبائلِ والعشائر، ويقال: هذا جزاءُ من تركَ القرآنَ
والسُّنة، وأقبلَ على الكلام، وقال أبو يوسُفَ القاضي: من طلبَ الدِّينَ بالكلامِ
تَزَندق، وقال أحمد: ما ارتدَى أحدٌ بالكلامِ فأفلح، وقال بعضُ العلماء: المُعطِّل
يعبدُ عدمًا والممثِّلُ يعبدُ صنمًا، المُعطِّلُ أعمى والمُمثل أعشَى، ودِين الله
بَيَّن الغالي منه والجافي عنه، وقد قال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ
وَسَطٗا﴾[البقرة: 143]، والسُّنةُ في الإسلامِ في المِلل، انتهى
كلامُ الشيخ.
***
الرَّدُّ على من يَنفِي
نزولَ الرَّبِّ سبحانه
إلى سماءِ الدنيا
سُئِلَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية رحمه الله عمن يُثبِتُ النزولَ
للهِ سبحانه إلى سماءِ الدنيا كما جاء في الحديث، وعمَّن ينفي ذلك؟ فأجاب رحمه
الله بقولِه:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، أما القائلُ الأولُ الذي ذكَرَ نصَّ
النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقد أصاب فيما قال، فإن هذا القولَ الذي قاله قد
استفاضتْ به السُّنةُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم واتَّفقَ سلف الأُمةِ وأئمتها،
وأهلُ العلمِ بالسُّنةِ والحديثِ على تصديقِ ذلك وتلقِّيه بالقَبول، ومن قالَ:
قالَه الرسولُ صلى الله عليه وسلم فقولُه حَقٌّ وصِدق، وإن كان لا يعرِفُ حقيقةَ
ما اشتملَ عليه من المعاني كمن قرأَ القرآنَ ولم يفهمْ فيه من المعاني، فإنَّ
أصدقَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرُ الهَدْي هَدْيُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم
والنبيُّ صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلامَ وأمثالَه علانيةً وبلَّغه
الصفحة 1 / 458