ثم يقول الشيخ رحمه الله: ولَفظُ المُشرِكين يُذكَر مُفرَدًا في
مِثْلِ قوله: {وَلَا تَنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكَٰتِ حَتَّىٰ يُؤۡمِنَّۚ﴾[البقرة: 221]،
وهل يتناول أهل الكتاب؟ فيه قولان مشهوران للسَّلَف والخَلَف، والذين قالوا
بأنَّها تعمُّ، منهم من قال: هي مُحكَمة كابن عمر وغَيرِه الذين لا يُبِيحون
نِكاحَ الكِتابِيَّات.
ومنهم من يقول: نُسِخ منها تحريم نكاح الكتابيَّات كما ذَكَر
الله في آية المائدة وهي متأخِّرَة عنها.
ومنهم من يقول: هو مخصوصٌ لم يَرِد باللِّفظ العامِّ، وقد أنزل
الله تعالى ([1]) بعد صُلْحِ الحُدَيْبِيَة قولَهُ: {وَلَا تُمۡسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلۡكَوَافِرِ﴾[الممتحنة: 10]،
وهذا إنَّما يقال إنَّما نهى عن التَّمسُّك بالعصمة مَن كان متزوِّجًا كافرة، ولم
يكونوا حينئذٍ متزوِّجين إلاَّ بمُشرِكة وَثَنِيَّة، فلم يدخل في ذلك الكتابيات،
انتهى ما قاله الشَّيخُ في هذا الفصل من المُقارَنة بين لفظ الكفَّار والمُشركِين
والمُنافِقِين، وبيان المُراد بأهل الكتاب وما يختصُّون به من أحكامٍ يفتَرِقون
بها عن غَيرِهم من الكفار، كإباحة تزوُّجِ المسلمين من نسائهم المُحْصَنات، والله
تعالى حكيم عليم في تَشريعِه وأَحكامِه، لا يُشرِّع شيئًا إلاَّ لحكمة بالغة
ومصلحة خالصة أو راجحة.
***
المقارنة بين الصالح والشهيد
والصديق
وكَذلِكَ لفظُ الصَّالِح والشَّهيد والصِّدِّيق يُذكَر مُنفَرِدًا، فيتناول النَّبيِّين، قال تعالى في حق الخليل: {وَءَاتَيۡنَٰهُ أَجۡرَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ﴾[العنكبوت: 27].
الصفحة 1 / 458