×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

ولهذا سمَّى الله ما عاد من أَموالِهم إلى المسلمين فيئًا؛ لأنَّ الله أفاءَهُ إلى مُستَحِقِّه؛ أي: ردَّه إلى المؤمنين به الذين يَعبُدونه ويستعينون برِزْقِه على عبادته؛ فإنَّه إنَّما خَلَق الخَلْق ليَعبُدوه، وإنَّما خَلَق الرِّزْق ليَستَعِينوا به على عبادَتِه.

ولَفْظُ الفيء قد يتناول الغَنِيمة كقول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في غَنائِمِ حُنَيْنٍ: «ليس لي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إلاَّ الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ» ([1])؛ لكنَّه لمَّا قال تعالى: {وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ مِنۡهُمۡ فَمَآ أَوۡجَفۡتُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ خَيۡلٖ وَلَا رِكَابٖ[الحشر: 6]؛ صار الفَيْءُ إذا أُطلِق في عُرْف الفُقَهاء فهو ما أُخِذ من مال الكفَّار بغَيرِ إِيجَافِ خَيلٍ ولا رِكَابٍ، والإِيجافُ نَوعٌ من التَّحريكِ.

***

الكُفرُ والنِّفاقُ وما بَينَهُما مِن اجتِمَاعٍ وافتِرَاقٍ

قال الشَّيخ رحمه الله: الكُفرُ والنِّفاقُ إذا ذُكِر الكُفرُ مُفرَدًا في وَعيدِ الآخِرَة دَخَل فيه المُنافِقون، كقوله تعالى: {وَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلۡإِيمَٰنِ فَقَدۡ حَبِطَ عَمَلُهُۥ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ[المائدة: 5]، وقوله: {وَمَن يَكۡفُرۡ بِٱللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا[النساء: 136]، وقوله: {لَا يَصۡلَىٰهَآ إِلَّا ٱلۡأَشۡقَى ١٥ ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ١٦[الليل: 15- 16]، وقوله: {كَادُ تَمَيَّزُ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۖ كُلَّمَآ أُلۡقِيَ فِيهَا فَوۡجٞ سَأَلَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَذِيرٞ ٨قَالُواْ بَلَىٰ قَدۡ جَآءَنَا نَذِيرٞ فَكَذَّبۡنَا وَقُلۡنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ كَبِيرٖ ٩[الملك: 8- 9]، وقوله: {وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَتۡلُونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَاۚ قَالُواْ


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (2694)، والنسائي رقم (4440)، وأحمد رقم (22699).