على أنَّه لا يُشهَد لكلِّ مُعَيَّنٍ من أطفالِ المؤمنين بأنَّه
في الجنةِ وإنْ شُهِدَ لهم مُطلقًا، ولو شُهِد لهم مُطلقًا فالطفلُ الذي وُلِد بين
المسلمين قد يكونُ مُنافقًا بينَ مؤمنين، واللهُ أعلم.
انتهى كلامُ الشيخ، وهو يتلخَّصُ في أنَّ الأطفالَ الذين ماتوا
قبل البُلُوغِ قد اختلفَ العلماءُ في شأنِهم، والأصَحُّ فيهم أحدُ قولين:
القول الأول: أنَّهم يُمتحَنون في القبرِ وفي يومِ القيامة،
والقول الثاني: التَّوقُّفُ في شأنِهم، وعلى كِلا القولينِ لا يُشهَد لمُعيَّن
منهم بأنَّه من أهلِ الجَنة، وإنْ كان يُشهَدُ لعمومِ أطفالِ المؤمنين بأنَّهم في
الجَنة.
***
عذابُ القبرِ على الرُّوحِ
والبَدَن
سُئل شيخُ الإسلام ابنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله وهو بمِصْرَ عن
عذابِ القَبر؛ هل هو على النفسِ والبَدن؟ أو على النفْسِ دونَ البَدن؟ والميتُ
يُعذَّبُ في قبرِه حيًّا أم ميتًا؟ وإن عادتْ الرُّوحُ إلى الجسدِ أو لم تَعُد؛
فهل يتشاركان في النعيمِ والعذابِ أو يكون ذلك على أحدهما دونَ الآخر؟
فأجابَ رحمه الله وجعلَ جنةَ الفِرْدَوْس مُنقلَبَه ومَثْوَاه
بقولِه:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين: بل العذابُ والنعيمُ على النفْسِ
والبَدنِ جميعًا باتفاقِ أهلِ السُّنةِ والجَماعة؛ تُنعَّمُ النفسُ وتُعذَّب
مُنفرِدةً عن البدنِ وتُعذَّبُ مُتصلةً بالبَدن، والبَدنُ مُتصِلٌ بها فيكونُ
النعيمُ والعذابُ عليهما في هذه الحال مُجتمِعَين، كما يكون للرُّوحِ منفردةً عن
البَدن.
وهل يكونُ العذابُ والنعيمُ للبدنِ بدونِ الرُّوح؟ هذا فيه
قولان مشهوران لأهلِ الحديثِ والسُّنةِ والكلام، وفي المسألةِ أقوالٌ شاذةٌ ليستْ
من أقوالِ أهلِ السُّنةِ والحَديث؛ كقولِ من يقول: إنَّ النعيمَ
الصفحة 1 / 458