تناقض هذه الأمور المعلومة
بالاضطرار عند الخاصة من أهل العلم فتوقف في الأمر أو رجح غير أبي بكر.
وأما عثمان وعلي؛ فهذه دون تلك؛ فإن هذه قد حصَلَ فيها نزاعٌ
فإنَّ سُفْيانَ الثَّوري وطائفةٌ من أهلِ الكوفة رجَّحوا عليًا، ثم رجع سفيانُ
وغيرُه عن ذلك، وبعضُ أهلِ المدينةِ توقَّفَ في عثمانَ وعليٍّ وهي إحدى الروايتين
عن مالك، لكنَّ الروايةَ الأخرى عنه تقديم عثمان على عليٍّ، كما هو مذهبُ سائرِ
الأئمةِ كالشافعي وأبي حنيفة وأصحابِه وأحمدَ بنِ حنبل وأصحابِه وغير هؤلاء من
أئمةِ الإسلام، حق إن هؤلاء تنازعوا فيمن يُقدِّم عليًا على عثمان؛ هل يُعَد من
أهلِ البدعة؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد، وقد قال أيوبُ السَّختياني وأحمدُ
بنُ حنبل والدارقطني: من قدَّم عليًا على عثمانَ فقد أزْرى بالمهاجرين والأنصار!
والحُجَّةُ في هذا ما أخرجاه في الصَّحيِحين ([1])، وغيرهما عن ابن عمر أنه قال: «كنا نفاضل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كنا نقول أبو بكر ثم عمر
ثم عثمان» ([2])، وفي بعض الطرق: يبلغ ذلك النَّبيّ صلى الله عليه وسلم
فلا ينُكِرُه.
ثم ذكر الشيخُ رحمه الله اختيارَ أهلِ الشورى الذين عهِد إليهم
عمرُ في اختيارِ خليفةَ من بعده لعثمان رضي الله عنه ومبايعتهم له، وقال: وهذا
إجماعٌ منهم على تقديمِ عثمانَ على علي، فلهذا قال أيوبُ وأحمدُ بن حنبل
والدارقطني: من قدَّم عليًا على عثمانَ فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار.
***
واجِبُ المسلمِ تِجاهَ ما
وقَعَ بين الصَّحابَة بعدَ
مقتل عثمان رضي الله عنه
([1])أخرجه: البخاري رقم (3655).
الصفحة 1 / 458