×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

سُئلَ شيخُ الإسلام رحمه الله عما شجَر بين الصَّحابَة: علي ومعاوية وطلحة وعائشة؛ هل يطالبون به أم لا؟

فأجاب بقوله قد ثبتَ بالنصوصِ الصَّحيِحةِ أن عثمانَ وعليًا وطلحة والزبير وعائشةَ من أهلِ الجنة، بل قد ثبت في الصَّحيِح: «أنَّهُ لاَ يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» ([1])، وأبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان هم من الصَّحابَة ولهم فضائلُ ومحاسن.

وما يُحكَى عنهم كثيرٌ منه كذِب، والصدقُ منه إن كانوا فيه مجتهدين، والمجتهدُ إذا أصابَ فله أجران وإذا أخطأَ فله أجر، وخطؤُه يُغفَر له، وإن قدَّر أن لهم ذنوبًا فالذنوبُ لا تُوجِبُ دخولَ النارِ مطلقًا إلاَّ إذا انتفتْ الأسبابُ المانعةُ من ذلك، وهي عشرة:

منها التوبةُ، ومنها الاستغفارُ، ومنها الحسنات الماحية، ومنها المصائب المكفرة، ومنها شفاعة النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ومنها شفاعةُ غيرِه، ومنها دعاءُ المؤمنين ومنها ما يُهدى للميتِ من الثوابِ والصدقة والعتق، ومنها فتنةُ القبر، ومنها أهوال القيامة، وقد ثبت في الصَّحيِحين عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيه، ثُمَّ الْذِينَ يَلُونَهُم ثم الذين يلونهم» ([2])، وحينئذ فمن جزم في واحد من هؤلاء بأن له ذنبًا يدخل به النار قطعًا فهو كاذب مفتر فإنه لو قال ما لا علم به لكان مبطلاً؛ فكيف إذا قال ما دلت الدلائل الكثيرة على نقيضه؟ فمن تلْكُم شَجر بينهم - وقد نهى الله عنه - من ذمِّهم أو التعصب لبعضِهم بالباطل


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (2496).

([2])أخرجه: البخاري رقم (2509)، ومسلم رقم (2533).