عِلمُ السَّلفِ بمعاني
القرآنِ وعدمُ تفو
يضِهم شيئًا منها
يواصلُ الشيخُ رحمه الله بيانَ أنَّ السلفَ كانوا يعلمون معاني
القرآن الكريم، بما في ذلك - بل وأولى - نصوصُ الصفاتِ الإلهيةِ فيقول:
الوجه الثالث: أنه
قال تعالى: {إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ﴾[يوسف: 2] وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا
عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ﴾[الزخرف: 3]، فبين أنه
أنزله عربيًا لأن يعقلوا، والعقل لا يكون إلاَّ مع العلم بمعانيه.
الوجه الرابع: أنه
ذمَّ من لا يفهمُه فقال تعالى: {وَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ
جَعَلۡنَا بَيۡنَكَ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ حِجَابٗا مَّسۡتُورٗا﴾[الإسراء: 45]، {وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ
أَكِنَّةً أَن يَفۡقَهُوهُ وَفِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٗاۚ﴾[الأنعام: 25]،
وقال تعالى: {فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلۡقَوۡمِ لَا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ حَدِيثٗا﴾[النساء: 78]، فلو كان المؤمنون لا يفهمُونه أيضًا كانوا
مشاركين للكفارِ والمنافقين فيما ذمَّهم اللهُ تعالى به.
الوجه الخامس: أنه
ذَمَّ من لم يكنْ حظُّه من السَّماعِ إلاَّ سماع الصوتِ دونَ فهمِ المعنى واتباعه،
فقال تعالى: {وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنۡعِقُ بِمَا لَا يَسۡمَعُ
إِلَّا دُعَآءٗ وَنِدَآءٗۚ صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ﴾[البقرة: 171]، وقال تعالى: {أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ
يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ
سَبِيلًا﴾[الفرقان: 44]، وقال: {وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُ إِلَيۡكَ
حَتَّىٰٓ إِذَا خَرَجُواْ مِنۡ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ
مَاذَا قَالَ ءَانِفًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ
وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡ﴾[محمد: 16]، وأمثال ذلك، وهؤلاء
المنافقون سمِعوا صوتَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ولم يفهموا وقالوا: ماذا قال
آنفًا؟ أي الساعة، وهذا كلامُ من لمْ يفقهْ قولَه، فقال تعالى: {أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ
الصفحة 1 / 458