×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

عِلمُ السَّلفِ بمعاني القرآنِ وعدمُ تفو

يضِهم شيئًا منها

يواصلُ الشيخُ رحمه الله بيانَ أنَّ السلفَ كانوا يعلمون معاني القرآن الكريم، بما في ذلك - بل وأولى - نصوصُ الصفاتِ الإلهيةِ فيقول:

الوجه الثالث: أنه قال تعالى: {إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ[يوسف: 2] وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ[الزخرف: 3]، فبين أنه أنزله عربيًا لأن يعقلوا، والعقل لا يكون إلاَّ مع العلم بمعانيه.

الوجه الرابع: أنه ذمَّ من لا يفهمُه فقال تعالى: {وَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ جَعَلۡنَا بَيۡنَكَ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ حِجَابٗا مَّسۡتُورٗا[الإسراء: 45]، {وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن يَفۡقَهُوهُ وَفِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٗاۚ[الأنعام: 25]، وقال تعالى: {فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلۡقَوۡمِ لَا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ حَدِيثٗا[النساء: 78]، فلو كان المؤمنون لا يفهمُونه أيضًا كانوا مشاركين للكفارِ والمنافقين فيما ذمَّهم اللهُ تعالى به.

الوجه الخامس: أنه ذَمَّ من لم يكنْ حظُّه من السَّماعِ إلاَّ سماع الصوتِ دونَ فهمِ المعنى واتباعه، فقال تعالى: {وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنۡعِقُ بِمَا لَا يَسۡمَعُ إِلَّا دُعَآءٗ وَنِدَآءٗۚ صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ[البقرة: 171]، وقال تعالى: {أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا[الفرقان: 44]، وقال: {وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُ إِلَيۡكَ حَتَّىٰٓ إِذَا خَرَجُواْ مِنۡ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مَاذَا قَالَ ءَانِفًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡ[محمد: 16]، وأمثال ذلك، وهؤلاء المنافقون سمِعوا صوتَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ولم يفهموا وقالوا: ماذا قال آنفًا؟ أي الساعة، وهذا كلامُ من لمْ يفقهْ قولَه، فقال تعالى: {أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ


الشرح