×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 العَرشِ كَحَلْقَةٍ مُلقَاةٍ فِي أَرضٍ فَلاٍَة، والرَّبُّ سَبْحَانَهُ فَوقَ سَمَاوَاتِه عَلَى عَرْشِهِ بَائِنُ مِن خَلْقِهِ، لَيْسَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيءٌ مِن ذَاتِهِ، ولا فِي ذَاتِه شَيْءٌ من مَخلُوقَاتِهِ، وقال تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخۡلِ[طه: 71]، وقال: {فَسِيحُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ[التوبة: 2]، وقال: {يَتِيهُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ[المائدة: 26]، وليسَ المُرَادُ أنَّهُم فِي جَوفِ النَّخلِ وجَوفِ الأَرْضِ، بل مَعْنى ذَلكَ أنه فَوقَ السَّمَاوَاتِ وعَليهَا، بَائِنٌ مِن المَخْلُوقَاتِ؛ كما أَخْبَرَ فِي كِتَابِه أنه خلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ فِي ستَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى العَرْشِ، وقال: {يَٰعِيسَىٰٓ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ[آل عمران: 55]، وقال تعالى: {تَعۡرُجُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيۡهِ[المعارج: 4]، وقال: {بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ[النساء: 158]، وأَمْثَالُ ذَلكَ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

***

أحوالُ الأمواتِ في القُبُور

فقد سُئلَ الشيخُ رحمه الله عن مسائلَ تتعلَّقُ بالأمواتِ وأحوالِهم في القُبور؛ فسُئلَ: هل يتكلَّمُ الميِّتُ في القبر؟

فقال: فأمَّا سؤالُ السائل: هل يتكلمُ الميتُ في قبرِه؟ فجوابُه أنَّه يتكلَّم، وقد يسمَعُ أيضًا من كَلَّمَه؛ كما ثبتَ في «الصَّحيِح» عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّهُمْ يَسْمَعُونَ قَرْعَ نِعَالِهِمْ» ([1])، وثبتََ في «الصَّحيِح»: «أَنَّ الْمَيِّتَ يُسْأَلُ فِي قَبْرِهِ، فَيُقَالَ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ؛ فَيَقُولُ: اللهُ رَبِّي، وَ الإِْسْلاَمُ دِينِي، وَمُحَمَّدٌ نَبِيِّي، وَيُقَالُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1308)، ومسلم رقم (2870).