ويقال: هذا المتاعُ معي لجامعته لك وإن كان فوق رأسِك، فاللهُ
مع خلقِه حقيقةً وهو فوقَ عرشه حقيقة.
***
معاني المعية
يُبيِّنُ الشيخُ رحمه الله معنى معيَّةِ اللهِ لخلقِه وأنها لا تُنافي علوَّه فوقَ مخلوقاتِه واستواءَه على عرشِه، فيقول: المعيَّةُ تختلفُ أحكامُها بحسْبِ الموارد فلما قال: {يَعۡلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا يَخۡرُجُ مِنۡهَا﴾[الحديد: 4] إلى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمۡ أَيۡنَ مَا كُنتُمۡۚ﴾[الحديد: 4]، دلَّ على ظاهِرِ الخِطابِ على أنَّ حُكْمَ هذه المعيةِ ومُقْتَضاها أنه مُطَّلعٌ عليكم شهيدٌ عليكم ومُهَيْمِنٌ وعالمٌ بكم، وهذا معنى قولِ السَّلف: أنه معهم بعلمِه، وهذا ظاهرُ الخطابِ وحقيقتُه، وكذلك في قولِه: {مَا يَكُونُ مِن نَّجۡوَىٰ ثَلَٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ﴾[المجادلة: 7] إلى قولِه: {هُوَ مَعَهُمۡ أَيۡنَ مَا كَانُواْ﴾[المجادلة: 7] الآية، ولما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لصاحبِه في الغار: «لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا» ([1])، كان هذا أيضًا حقًا على ظاهرِه، ودَلَّت الحالُ على أنَّ حُكْمَ هذه المعيةِ هنا معيَّةُ الاطلاعِ والنصرِ والتأييد، وكذلك قوله تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ﴾[النحل: 128]، وكذلك قولُه لموسى وهارون: {إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسۡمَعُ وَأَرَىٰ﴾[طه: 46]، هنا المعيَّةُ على ظاهرِها وحكمُها في هذه المواطِن النصرُ والتأييد، وقد يدخلُ على صبي مَنْ يُخِيفه فيبكي، فيُشرِفُ عليه أبوه من فوقِ السقفِ فيقول: لا تخفْ أنا معك أو أنا هنا أو أنا حاضر، أو نحو ذلك يُنبِّهُه على المعيَّةِ المُوجبة بحُكمِ الحالِ دفعِ المَكروه، ففَرْقٌ بين معنى المعيَّةِ وبين مُقتضَاها ورُبَّما صار
الصفحة 1 / 458