×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

ولهذا ينبغي أن يَقصِد إذا ذُكِر لفظٌ من القرآن والحديث أن يُذكَر نَظائِرُ هذا اللَّفظِ، ماذا عَنَى به الله ورسولُه؛ فيَعرِف بذلك لُغَة القرآن والحديث، وسنَّة الله ورسولِه التي يخاطِبُ بها عبادَه، وهي العادَةُ المَعرُوفَة من كَلامِه.

ثمَّ إذا كان لذلك نَظائِرُ في كَلامِ غَيرِه وكانت النَّظائِر كثيرة عُرِف أنَّ تِلْكَ العادَةَ واللُّغَة مُشتَرَكة عامَّة لا يختَصُّ بها هو صلى الله عليه وسلم بل هي لُغَة قومِه، ولا يجوز أن يُحمَل كَلامُه على عاداتٍ حَدَثت بعده في الخطاب لم تَكُن مَعُروفه في خطابِه وخِطاب أَصحابِه كما يَفعَله كثيرٌ من الناس، وقد لا يَعرِفون انتِفَاء ذلك في زَمانِه.

إلى أن قال الشَّيخ رحمه الله: ولا بُدَّ في تَفسيرِ القرآن والحديث من أن يُعرَف ما يدلُّ على مُرادِ الله ورسوله من الأَلفاظِ وكيف يُفهَم كلامه؛ فمَعرِفَة العربِيَّة التي خُوطِبْنا بها ممَّا يُعِين على أنْ نَفْقَه مُرادَ الله ورَسُولِه بكَلامِه، وكَذلِكَ مَعرِفَة دَلالَة الأَلفاظِ على المعانِي؛ فإنَّ عامَّة ضَلالِ أَهلِ البِدَع كان بهذا السَّبَب؛ فإنَّهم صاروا يَحمِلون كَلامَ الله ورسولِه على ما يدَّعون أنَّه دالٌّ عَلَيه ولا يكونُ الأَمرُ كَذلِكَ، ويَجعَلون هَذِه الدَّلالَة حقيقةً وهَذِه مَجازًا؛ كما أخطَأَ المُرجِئَة في اسمِ الإِيمَان، جَعَلوا لَفْظَ الإِيمَان حقيقةً في مُجَرَّد التَّصديقِ، وتناوُلُه للأَعمالِ مَجَازًا.

***

إِبطال قول المرجئة في تعريف الإِيمَان

لما كانت الأَعمال الصالحة داخلةً في حقيقة الإِيمَان عند جُمهُور أهل السُّنَّة والجماعة؛ لأَن الله سماها إِيمَانًا خلافًا للمرجئة الذين يقولون: إِن تسميةَ الأَعمال الصَّالحة إِيمَانا هو من باب المجـاز،


الشرح