×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

معنى سجود الملائكة لآدم عليه السلام

يبين الشيخ رحمه الله معنى سجود الملائكة لآدم؛ فيقول: وكذلك قصة سجود الملائكة كلهم أجمعين لآدم، ولَعْن الممتنع عن السجود له، وهذا تشريف وتكريم له، وقد قال بعض الأغبياء: إن السجود إنما كان لله، وجعل آدم قبلة لهم يسجدون إليه كما يُسجد إلى الكعبة، وليس في هذا تفضيل له عليهم؛ كما أن السجود على الكعبة ليس فيه تفضيل للكعبة على المؤمن عند الله، بل حرمة المؤمن عند الله أفضل من حرمتها، وقالوا: السجود لغير الله محرم، بل كفر.

والجواب: أن السجود كان لآدم بأمر الله وفَرْضه بإجماع من يُسمع قوله، ويدل على ذلك وجوه:

أحدها: قوله: {لِأٓدَمَولم يقل: إلى آدم، وكل حرف له معنى، ومن التمييز في اللسان أن يقال: سجدت له وسجدت إليه؛ كما قال تعالى: {لَا تَسۡجُدُواْ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ[فصلت: 37] وقال: {وَلِلَّهِۤ يَسۡجُدُۤ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ[النحل: 49] وأجمع المسلمون على أن السجود لغير الله محرم، وأما الكعبة فقد كان النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يصلي إلى بيت المقدس ثم صلى إلى الكعبة، وكان يصلي إلى عَنَزة ([1])ولا يقال: لعَنَزة، وإلى عمود وشجرة، ولا يقال: لعمود ولا لشجرة، والساجد للشيء يخضع له بقلبه ويخشع له بفؤاده، وأما الساجد إليه فإنما يولي وجهه وبدنه إليه ظاهرًا،


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (390)، ومسلم رقم (525).