كما يولي وجهه إلى بعض النواحي إذا أَمَّه، كما قال: {فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ
فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ﴾[البقرة: 144].
والثاني: أن آدم لو كان
قبلة لم يمتنع إبليس من السجود، أو يزعم أنه خير منه؛ فإن القبلة قد تكون أحجارًا،
وليس في ذلك تفضيل لها على المصلين إليها، وقد يصلي الرجل إلى عَنَزة أو إلى رجل
ولا يتوهم أنه مفضل بذلك؛ فمن أي شيء فر الشَّيطَان؟ هذا العجب العجيب.
والثالث: أنه لو جُعل
آدم قبلة في سجدة واحدة لكانت القبلة وبيت المقدس أفضل منه بآلاف كثيرة؛ إذ جُعلت قبلة
دائمة في جميع أنواع الصلوات، فهذه القصة الطويلة التي قد جُعلت عَلَمًا له، ومن
أفضل النعم عليه والتي جاءت إلى العالم بأن الله رفعه بها وامتنَّ عليه؛ ليس فيها
أكثر من أنه جعله كالكعبة في بعض الأوقات، ومع أن بعض ما أُوتيه من الإيمان والعلم
والعربية من الرحمن أفضل بكثير من الكعبة، والكعبة إنما وُضعت له ولذريته، أفيجعل من
جسيم النعم عليه أو يشبه به في شيء نَزْر قليل جدًّا؟! هذا ما لا يقوله عاقل.
وأما قولهم: لا يجوز السجود لغير الله؛ فيقال لهم: إن قيلت هذه
الكلمة على الجملة فهي كلمة عامة تنفي بعمومها جواز السجود لآدم، وقد دل دليل خاص
على أنهم سجدوا له، والعام لا يعارض ما قابله من الخاص.
وثانيها: أن السجود
لغير الله حرام علينا وعلى الملائكة؛ أما الأول فلا دليل، وأما الثاني فما الحجة
فيه؟ يعني: على أن آدم جُعل قبلة في السجود أو على منع السجود لآدم وقد أمر الله به.
وثالثها: أنه حرام أمر
الله به أو حرام لم يأمر به؛ والثاني حق