×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

وإن كان هذا الرد لا يزيد الأمر إلاَّ شدة، ولا يرتفع الخلاف به؛ إذ لكل فريق طواغيت يريدون أن يتحاكموا إليهم، وقد أمروا أن يكفروا بهم.

وما أشبه حال هؤلاء المتكلمين بقوله سبحانه: {أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦۖ وَيُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُضِلَّهُمۡ ضَلَٰلَۢا بَعِيدٗا ٦٠ وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَيۡتَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودٗا ٦١ فَكَيۡفَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ جَآءُوكَ يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنۡ أَرَدۡنَآ إِلَّآ إِحۡسَٰنٗا وَتَوۡفِيقًا ٦٢[النساء: 60- 62] فإن هؤلاء إذا دعوا إلي ما أنزل الله من الكتاب وإلى الرسول - أي السنة - أعرضوا عن ذلك وهم يقولون: إنا قصدنا الإحسان علمًا وعملاً!

***

تشابُه علماءِ الكلامِ والمنافقين

يُشبِّهُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية رحمه الله علماءَ الكلامِ في تحكيمِهم قواعدَهم العقلية؛ ونبذَهم النصوصَ الشرعيةَ بالمنافقين الذين يتَحاكمونَ إلي الطاغوتِ ويُعرِضُون عن الرسولِ صلى الله عليه وسلم ويزعمون أن ما يَحكُمُ به الطاغوتُ خيرٌ مما جاء به محمدٌ صلى الله عليه وسلم أنهم إنما فعلوا ذلك بقصْدِ الإحسانِ علي الناسِ والتوفيقِ بين الشرعِ ونظامِ الطاغوت.

فيقولُ رحمه الله: فإنَّ هؤلاء يعني المتكلمين إذا دُعُوا إلي ما أَنزَلَ اللهُ من الكتابِ وإلي الرسول، والدعاءُ إلي الرسولِ بعد وفاتِه هو الدعاءُ إلي سُنَّتِه؛ أَعرضُوا عن ذلك وهم يقولون: إنا قَصَدْنا الإحسانَ علمًا وعملاً بهذه الطريقةِ التي سلكناها والتوفيقَ بين الدلائلِ العقليةِ والنقلية!


الشرح