قَومُ إِبراهِيمَ يَعتَقِدون ذلك، بل كانوا مُشرِكِين بالله
يَعبُدون الكَواكِبَ ويَدَعونها ويَبنُون لها الهَياكِلَ ويَعبُدون فيها أَصنامَهُم.
وهَذا دِينٌ كان كَثيرٌ من أَهلِ الأَرضِ عَلَيهِ بالشَّامِ
والجَزيرَةِ والعِرَاق وغَيرِ ذلك، وكَانُوا قَبلَ ظُهُورِ المَسيحِ عليه السلام،
وكَانُوا يُصلُّون إلى القُطبِ الشَّمالِيِّ، وبدِمَشقَ مَحارِيبُ قَديمَةٌ إلى
الشام، وقَومُ إِبراهِيمَ كَانُوا مُقِرِّين بالصَّانِع؛ ولِهَذا قال لَهُم
إِبرَاهِيمُ الخليل: {قَالَ أَفَرَءَيۡتُم مَّا كُنتُمۡ
تَعۡبُدُونَ ٧٥ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُمُ ٱلۡأَقۡدَمُونَ
٧٦ فَإِنَّهُمۡ عَدُوّٞ لِّيٓ إِلَّا
رَبَّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٧٧﴾[الشعراء: 75- 77]، فعَادَى كُلَّ ما يَعبُدونَه إلاَّ
ربَّ العالَمِين.
وقال تعالى: {قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ
حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا
بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ
وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ
تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥٓ إِلَّا قَوۡلَ إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ
لَأَسۡتَغۡفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمۡلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۖ﴾[الممتحنة: 4].
وقال الخَليلُ عليه السلام: {قَالَ أَتَعۡبُدُونَ مَا
تَنۡحِتُونَ ٩٥ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا
تَعۡمَلُونَ ٩٦﴾[الصافات: 95-
96].
***
الرد على مؤولة الصفات
يردُّ الشيخ رحمه الله على الذين يؤوِّلون الصِّفاتِ أو بَعضَها بغَيرِ معناها الصَّحيحِ، ويُبيِّن الفَرْقَ بين التَّأويلِ البَاطلِ والتَّفسيرِ الصَّحيحِ الذي يدلُّ عَلَيه السِّياق في الكلام فيقول: الذين يَجعَلون الفَلسَفَة هي التَّشبُّهَ بالإله على قَدْرِ الطَّاقةِ، ويُوجَد هذا التَّفسيرِ في كلام طائفةٍ؛ كأبي حامِدٍ الغَزالِيِّ وأَمثالِهِ، ولا يُثبِت هَؤُلاءِ قُربًا حقيقيًّا، وهو القُربُ المَعلُوم المَعقُول.
الصفحة 1 / 458