×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 وجعل موجبَ الظهورِ أنه ليس فوقَه شيء، ولم يقلْ: ليس شيءٌ أبينَ منك ولا أَعرف.

وبهذا تبيَّن خطأُ من فسَّر «الظاهر» بأنه المعروفُ كما يقولُه من يقول: الظاهرُ بالدليلِ الباطنِ بالحجاب؛ كما في كلامِ أبي الفرجِ وغيره، فلم يذكروا مُرادَ اللهِ ورسولِه، وإنْ كان الذي ذكرَه له معنى صحيح.

***

قُربُ اللهِ سبحانه من خلقِه

يواصلُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية رحمه الله في تقريرِ قُربِ اللهِ سبحانه من خلقِه فيقول: والربُّ سبحانه لا يشغلُه سمعٌ عن سمع ولا تُغلِّطْه المسائل، بل هو سبحانه يُكلِّمُ العبادَ يومَ القيامةِ ويحاسبُهم، ولا يشغلُه هذا عن هذا، قيل لابنِ عباس: كيف يُكلِّمُهم يومَ القيامةِ كلَّهم في ساعةٍ واحدة؟ قال: «كما يرزقُهم في ساعةٍ واحدة» ([1])، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إلاَّ سَيَخْلُو اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا يَخْلُو أَحَدُكُمْ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ» ([2]).

واللهُ سبحانه في الدنيا يسمعُ دعاءَ الدَّاعين ويُجيبُ السائلين مع اختلافِ اللغاتِ وفنونِ الحاجات، والواحدُ منَّا قد يكونُ له قوةُ سمعٍ يسمعُ كلامَ عددٍ كثير من المتكلمين، كما أنَّ بعضَ المقرئين يسمعُ قراءةَ عدة، لكن لا يكونُ إلاَّ عددًا قليلاً قريبًا منه، والواحدُ منَّا يجدُ في نفسِه قربًا ودنوًا وميلاً إلى بعضِ الناسِ الحاضرين والغائبين دونَ بعض،


الشرح

([1])عزاه القرطبي في التفسير (2/435) لعلي.

([2])أخرجه: البخاري رقم (6539)، ومسلم رقم (1016).