يُسَلِّمَ لِما صحَّت به
النُّصوصُ، ولا يَعْتَمِدُ على عقلِه وظَنِّه فيُنْكِرُ شيئًا ثَابتًا ووَاقِعًا
مُشَاهَدًا، واللُه وليُّ التوفيقِ.
***
النُّطْفَةُ وأحْكَامُهَا
فقد سُئِلَ شيخُ الإِسلاَمِ ابنُ تيميَّةَ رحمه الله عن الجمعِ
بينَ حديثِ ([1]) ابنِ مَسعُودٍ فِي أَمْرِ النُّطْفَةِ وتَطَوُّرِها:
أَرْبَعِينَ يومًا نُطْفَةً، وأَرْبَعِينَ يَومًا عَلَقَةً، وَأَرْبَعِينَ يَومًا
مُضْغَةً، ثُمَّ يَكُونُ التَّصويرُ والتَّخْطِيطُ والتَّشكِيلُ، وحديثُ: «أَنَّهُ إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ
اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللهُ إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا،
وَخَلَقَ سَمْعَهَا، وَبَصَرَهَا، وَجِلْدَهَا، وَلَحْمَهَا، وَعِظَامَهَا» ([2])؛ فما الجمعُ بينَ الحَدِيثينِ؟
فأجابَ ما مُلخًّصُه: الحَمْدُ للهِ ربِّ العَالَمِينَ، أما الحَديثُ الأوَّلُ فَهُو فِي الصَّحِيحَينِ، عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو الصَّادِقُ المَصدُوقُ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةٍ مِثلُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثلُ ذَلِكَ، ثُمْ يُرْسَلُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ ويُؤمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ؛ بَكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، فَوَ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُم لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الْكِتَابُ فَيَعَمْلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنًّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا» ([3]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (3208)، ومسلم رقم (2643).
الصفحة 1 / 458