×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

وقال: «لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» ([1]).

وقال: «مَنْ أَمَرَكُمْ مِنْهُمْ بِمَعْصِيَةٍ، فَلاَ تُطِيعُوهُ» ([2]).

ثم ذلك المحلِّل للحرام والمحرِّم للحلال إن كان مجتهدًا قَصْدُه اتِّباعُ الرَّسول، لكن خَفِي عَلَيهِ الحقُّ في نفسِ الأمر وقد اتَّقى الله ما استطاع؛ فهذا لا يُؤاخِذُه الله بخَطَئِه بل يُثِيبه على اجتهادِهِ الذي أطاع به ربَّه.

ولكنْ مَن عَلِم أنَّ هذا خطأٌ فيما جاء به الرَّسول ثمَّ اتَّبَعه على خَطَئِه وعَدَل عن قَولِ الرسول، فهذا له نصيبٌ مِن هذا الشِّرك الذي ذمَّه الله، لاسيَّما إنِ اتَّبَع في ذلك هواه ونَصَره باللِّسان واليَدِ مع عِلْمِه بأنه مُخالِف للرسول، فهذا شِرْك يستحِقُّ صاحِبُه العقوبَةَ عليه.

***

متى يَجُوز التَّقلِيدُ ومتى لا يَجُوز

قال: ولهذا اتَّفق العُلَماء على أنَّه إذا عَرَف الحقَّ لا يجوز له تقليدُ أحدٍ في خِلافِهز

وإنَّما تَنَازعوا في جَوازِ التَّقليدِ للقادِرِ على الاستدلالِ، وإن كان عاجزًا عن إِظهارِ الحقِّ الذي يَعلَمُه، فهذا يكون كمَن عَرَف أنَّ دين الإسلام حقٌّ، وهو بين النصارى، فإذا فعل ما يَقدِر عَلَيه من الحقِّ لا يُؤاخَذ بما عَجَز عنه، وهَؤُلاءِ كالنَّجاشِيِّ وغيرِه.

وقد أنزل الله في هَؤُلاءِ آياتٍ من كتابه، كقوله: {وَإِنَّ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَمَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ[آل عمران: 199].


الشرح

([1])أخرجه: أحمد رقم (3889)، والطبراني في «الكبير» رقم (20656).

([2])أخرجه: ابن ماجه رقم (2863)، وأحمد رقم (11639)، وأبو يعلى رقم (1349).