وقوله: {وَمِن قَوۡمِ مُوسَىٰٓ أُمَّةٞ
يَهۡدُونَ بِٱلۡحَقِّ وَبِهِۦ يَعۡدِلُونَ﴾[الأعراف: 159].
وقوله: {وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ
إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىٰٓ أَعۡيُنَهُمۡ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ مِمَّا عَرَفُواْ
مِنَ ٱلۡحَقِّۖ﴾[المائدة: 83].
وأمَّا إن كان المتِّبع للمُجتَهِد عاجِزًا عن مَعرِفَة الحقِّ
على التَّفصِيل، وقد فَعَل ما يقدر عَلَيه مِثلُه من الاجتهاد في التَّقليدِ؛ فهذا
لا يُؤاخَذ إن أخطأ، كما في القِبلَة.
وأمَّا إن قلَّد شخصًا دون نَظيرِه بمُجرَّد هواه، ونَصَره
بيدِهِ ولسانه من غيرِ علمٍ أنَّ معه الحقَّ فهذا من أهل الجاهلية، وإن كان
مَتبوعُه مُصيبًا لم يَكُن عَمَلُه صالحًا، وإن كان مَتبوعُه مخطِئًا كان آثمًا،
كمن قال في القرآن برأيِهِ فإن أصاب فقد أخطأ، وإن أخطأ فليتبوَّأْ مَقعَدَه من
النار.
وهَؤُلاءِ من جِنسِ مانِعِ الزَّكاة الذي تقدَّم فيه الوعيد - يعني
قوله: {يَكۡنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلۡفِضَّةَ﴾[التوبة: 34] -،
ومن جِنسِ عَبْدِ الدِّينار والدِّرهم والقَطِيفَة والخَميصَة؛ فإنَّ ذلك لمَّا أحبَّ
المال حُبًّا مَنَعه من عبادة الله وطاعَتِه صار عبدًا له، وكَذلِكَ هَؤُلاءِ
فيَكُون فيه شركٌ أصغَرُ، وله من الوعيد بحَسَبِ ذلك، وفي الحديث: «إِنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ» ([1]).
ثم رَجَع الشَّيخ إلى أَصلِ المَوضُوع الذي يتكلَّم عنه وهو المَقصُود بالظُّلْم، فيقول: والمَقصُود هنا: أنَّ الظلم المُطلَق يتناوَلُ الكُفرَ ولا يختَصُّ بالكُفرِ، بل يتناول ما دونه أيضًا، وكلٌّ بحَسَبه كلَفظِ الذَّنبِ والخَطِيئَةِ والمَعصِيَة؛ فإنَّ هذا يتناوَلُ الكُفرَ والفُسوق والعِصيانَ كما في «الصحيحين».
([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (3989)، والطبراني في «الأوسط» رقم (7112).