×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

وفي «الصحيحين» عنه أنه قال لسعد بن أبي وقَّاصٍ لمَّا مَرِض بمكَّة وعَادَه: «وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إلاَّ ازْدَدْتَ بِها دَرَجَةً وَرِفْعَةً، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ» ([1]).

وقال مُعاذُ بنُ جَبَل لأبي موسى: «إنِّي أَحتَسِبُ نَوْمَتِي كما أَحْتَسِب قَوْمَتِي».

وفي الأثر: «نوم العالِمِ تَسبِيحٌ».

وإذا كان أصلُ مقصودِهِ عبادة غَيرِ الله لم تَكُن الطَّيِّبات مُباحَةً له؛ فإن الله أباحَهُما للمُؤمنين من عبادِهِ، بل الكفار وأهل الجرائم والذُّنوب وأهل الشهوات يُحاسَبُون يوم القيامة على النِّعَم التي تَنَعَّموا بها، فلم يَذكُروه ولم يَعبُدوه بها، ويقال لهم: {أَذۡهَبۡتُمۡ طَيِّبَٰتِكُمۡ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنۡيَا وَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهَا فَٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ تَسۡتَكۡبِرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَبِمَا كُنتُمۡ تَفۡسُقُونَ[الأحقاف: 20]، وقال تعالى: {ثُمَّ لَتُسۡ‍َٔلُنَّ يَوۡمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ[التكاثر: 8]؛ أي: عن شُكْرِه، والكافر لم يَشكُر على النَّعيم الذي أنعم الله عَلَيه به فيُعاقِبُه على ذلك، والله إنما أباحها للمؤمنين وأَمَرهم معها بالشُّكر، كما قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ[البقرة: 172].

***

الأكلُ من الحَلالِ

إذا فعل المؤمن ما أبيح له قاصِدًا للعُدولِ عن الحَرام إلى الحلال لحاجَتِه إليه؛ فإنَّه يُثابُ على ذلك، كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ لَهُ صَدَقَةٌ»، قالوا: يا رسول الله، يأتي أحَدُنا شَهوَتَه ويكون له


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1234)، ومسلم رقم (1628).