×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

وهذا البابُ ونحوُه مما اشتَبَهَ على كثيرٍ من الناس، لأنهم صاروا يظنُّون أنَّ ما وُصِفَ اللهُ عز وجل به من جنسِ ما تُوصَفُ به أجسامُهم فيرون أنَّ ذلك يستلزِمُ الجمعَ بين الضِّدين، فإنَّ كونَه فوقَ العرشِ مع نزولِه يمتنع في مثلِ أجسامِهم، لكن مما يُسهِّلُ عليهم معرفةَ إمكانِ هذا معرفةُ أرواحِهم وصفاتِهم وأفعالِهم، وأن الروحَ قد تعرُجُ من النائمِ إلى السماءِ وهي لمْ تفارِقْ البدن، كما قال تعالى: {ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلۡأَنفُسَ حِينَ مَوۡتِهَا وَٱلَّتِي لَمۡ تَمُتۡ فِي مَنَامِهَاۖ فَيُمۡسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيۡهَا ٱلۡمَوۡتَ وَيُرۡسِلُ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ[الزمر: 42]، وكذلك الساجد، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» ([1]).

***

نزاعُ النَّاسِ في أَفعَالِ اللهِ

بيَّن الشَّيخُ رحمه الله اختلافَ النَّاسِ في أفعال الله تعالى، وما هو القَولُ الصَّحيح في ذلك فقال: نِزاعُ النَّاسِ في مَعنَى حَديثِ النُّزولِ - وما أَشبَهَه في الكتاب والسُّنَّة من الأَفعَالِ اللاَّزِمَة المُضافَة إلى الرَّبِّ سبحانه وتعالى، مِثلُ المَجيءِ والإِتيانِ والاستِوَاءِ إلى السَّماءِ وعلى العَرشِ، بل وفي الأَفعالِ المُتَعدِّيَة مثل الخَلْق والإِحسَانِ والعَدلِ وغير ذلك - هو ناشِئٌ عن نِزَاعِهِم في أَصلَيْن:

أحدُهُما: أنَّ الرَّبّ تعالى هل يَقُوم به فِعْلٌ من الأَفعَالِ فيَكُون خَلْقُه للسَّمَواتِ والأَرضِ فِعْلاً فَعَله غَيرَ المَخلُوق؟ أو أنَّ فِعْلَه هو المَفعُولُ، والخَلْق هو المَخلُوق؟ على قَوْلَيْن مَعرُوفَيْن:


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (482).