كما في الحديث الصحيح: «مَنْ
رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ
الإِْيمَانِ» ([1]).
وفي الحديث الآخر الذي في الصحيح أيضًا - «صحيح مسلم» -: «فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ
مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ
بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِْيمَانِ حَبَّةُ
خَرْدَلٍ» ([2]).
فعُلِمَ أنَّ القلب إذا لم يَكُن فيه كَراهَةُ ما يَكرَهُه لم
يَكُن فيه من الإِيمَان الذي يستحِقُّ به الثواب.
وقوله: «من الإِيمَان»؛ أي: من هذا الإِيمَان وهو الإِيمَان
المُطلَق؛ أي: ليس وراء هَذِه الثَّلاثِ ما هو من الإِيمَان ولا قَدْرُ حبَّةِ
خَرْدَلٍ، والمعنى: هذا آخِرُ حُدودِ الإِيمَان، ما بَقِيَ بعد هذا من الإِيمَان
شيء، ليس مرادُه أنَّه مَن لم يفعل ذلك لم يَبْقَ من الإِيمَان شيء، بل لَفْظُ
الحَديثِ إنَّما يدلُّ على المعنى الأول.
***
الطيبات أبيحت للمؤمنين ولم
تبح للكفار
يبيِّن الشيخ رحمه الله أنَّ الطيبات والنعم إنَّما أبيحت
للمؤمنين ولم تُبَح للكفار أخْذًا من قوله تعالى: {قُلۡ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ
فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا خَالِصَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ﴾[الأعراف: 32]، قال: وكَذلِكَ قال للرسل: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ﴾[المؤمنون: 51].
وقال تعالى: {أُحِلَّتۡ لَكُم بَهِيمَةُ ٱلۡأَنۡعَٰمِ إِلَّا مَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ غَيۡرَ مُحِلِّي ٱلصَّيۡدِ وَأَنتُمۡ حُرُمٌۗ﴾[المائدة: 1].
([1])أخرجه: مسلم رقم (49).
الصفحة 1 / 458