وقال الخليل: {وَٱرۡزُقۡ أَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ
مَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُم بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ﴾[البقرة: 126]،
قال الله تعالى: {وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُۥ قَلِيلٗا
ثُمَّ أَضۡطَرُّهُۥٓ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ﴾[البقرة: 126]؛ فالخليل إنَّما دعا بالطَّيِّبات للمُؤمِنين
خاصَّةً، والله إنَّما أباح بهيمة الأنعام لِمَن حرَّم ما حرَّمه الله من الصَّيد وهو
محرم.
والمُؤمِنون أَمَرهم أن يأكلوا من الطيبات ويَشكُروه؛ ولهذا
غيَّر سُبحانَه بين خطاب النَّاس مطلقًا وخطاب المؤمنين، فقال: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ حَلَٰلٗا طَيِّبٗا وَلَا
تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٌ ١٦٨إِنَّمَا
يَأۡمُرُكُم بِٱلسُّوٓءِ وَٱلۡفَحۡشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا
تَعۡلَمُونَ ١٦٩وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ
بَلۡ نَتَّبِعُ مَآ أَلۡفَيۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ
لَا يَعۡقِلُونَ شَيۡٔٗا وَلَايَهۡتَدُونَ ١٧٠﴾[البقرة: 168- 170]؛ فإنما أَذِن للناس أن يأكلوا ممَّا
في الأرض بشَرطَيْن: أن يكون طيبًا، وأن يكون حلالاً.
ثم قال: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ
كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ
تَعۡبُدُونَ ١٧٢إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحۡمَ ٱلۡخِنزِيرِ
وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ
فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ ١٧٣﴾[البقرة: 172-
173]، فأَذِن للمُؤمِنين في الأكل من الطَّيِّبات ولم يشتَرِطِ الحِلَّ، وأخبَرَ
أنَّه لم يحرِّم عَلَيهم إلاَّ ما ذَكَره، فما سواه لم يكن محرَّمًا على المؤمنين.
ومع هذا لم يَكُن أحلَّه بخِطَابه بل كان عَفْوًا كما في الحَديثِ عن سَلْمَانَ مَوقُوفًا ومَرفُوعًا «الحَلالُ ما أحلَّه الله في كِتَابِه والحَرَامُ ما حَرَّمَهُ الله في كِتَابِهِ، وما سَكَت عنه فَهُو مما عَفَى عَنْه» ([1]).
([1])أخرجه: الترمذي رقم (1726)، ابن ماجه رقم (3367).