الوَلاءُ والبَرَاءُ من
الإِيمَان
يتكلَّم الشَّيخ رحمه الله عن مُعادَاةِ أعداء الله، وأنَّها
شرطٌ للإِيمَان، فيقول: فإنَّ نَفْسَ الإِيمَان يُنافِي مُوادَّتِهم كما يَنفِي
أحدُ الضِّدَّيْن الآخَرَ؛ فإذا وُجِد الإِيمَان انتفى ضِدُّه وهو مُوالاَةُ
أعداءِ الله؛ فإذا كان الرَّجل يُوالِي أَعداءَ الله بقَلْبه كان ذلك دليلاً على
أن قَلْبه ليس فيه الإِيمَان الواجب.
ومِثْله: قوله تعالى في الآية الأخرى: {تَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ
يَتَوَلَّوۡنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ لَبِئۡسَ مَا قَدَّمَتۡ لَهُمۡ أَنفُسُهُمۡ
أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَفِي ٱلۡعَذَابِ هُمۡ خَٰلِدُونَ ٨٠ وَلَوۡ كَانُواْ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ
وَٱلنَّبِيِّ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مَا ٱتَّخَذُوهُمۡ أَوۡلِيَآءَ وَلَٰكِنَّ
كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ ٨١﴾[المائدة: 80- 81]؛ فذَكَر جُملة شرطِيَّة تقتضي أنه إذا
وُجِد الشَّرط وُجِد المَشرُوط بحرف «لو» التي تَقتَضي انتِفاءَ المَشرُوط، فقال: {وَلَوۡ كَانُواْ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلنَّبِيِّ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ
مَا ٱتَّخَذُوهُمۡ أَوۡلِيَآءَ﴾[المائدة: 81]؛ فدلَّ على أن
الإِيمَان المَذكُور يَنفِي اتِّخاذَهُم أَولِياءَ ويُضادُّه، ولا يَجتَمِع
الإِيمَان واتِّخاذُهُم أَولِياءَ في القلب، ودلَّ ذلك على أنَّ مَن اتَّخذهم
أَولِياءَ ما فَعَل الإِيمَان الواجب من الإِيمَان بالله والنَّبيِّ وما أنزل
إليه.
ومثله: قوله تعالى: {لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ
أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ
فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ﴾[المائدة: 51]؛ فإنَّه أخبَرَ في تِلكَ الآياتِ أنَّ
مُتَوَلِّيَهُم لا يكون مؤمنًا، وأخبَرَ هنا أن مُتوَلِّيَهُم هو منهم، فالقرآن
يصدِّق بعضُه بعضًا، قال الله تعالى: {ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِيثِ
كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا مَّثَانِيَ تَقۡشَعِرُّ مِنۡهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ
يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ﴾[الزمر: 23] الآية.
الصفحة 1 / 458